… إلى السعادة الحقيقية
6 يوليو, 2019مفهوم الحرية في الإسلام
3 أغسطس, 2019الرائد تدخل في عامها الواحد والستين
تدخل صحيفتكم هذه بهذا العدد في عامها الواحد والستين والحمد لله على صدورها باستمرار وبدون انقطاع، إنها تخطت خلال هذه المدة الطويلة كثيراً من العوائق، واخترقت كثيراً من الحواجز، وتغلبت على كثير من المشاكل، وتقدمت إلى الأمام، ولا تزال تتقدم بمساعدتكم لها وعنايتكم بها ومشاركتكم فيها قراءة وكتابة.
عرضت عليكم هذه الصحيفة ما عرضت من القضايا، وقدمت لكم ما قدمت من الحلول، وسردت لكم ما سردت من الوقائع والأحداث، وجالت بكم في دول الشرق والغرب، وشرحت لكم ما شرحت من الأفكار التي تتبناها الحركات الإسلامية والحركات الأوربية المعاصرة، وكشفت لكم ما كشفت من المؤامرات التي تنسج ضد العالم الإسلامي، والأخطار التي تحدق بالأمة الإسلامية، والتحديات التي تواجهها الدول الشرقية، والمحاولات التي تبذل لتفكيك العالم الإسلامي، والمخططات التي تحاك لإثارة الفتن والحروب الأهلية والصرعات الداخلية بين الحكومات والشعوب لتقسيم العالم العربي من جديد، وما كان وراء هذه الثورات التي قامت، والأزمات التي اندلعت، والتحولات التي حدثت، وعزل الحكام ونصبهم، وإسقاط نظام وإحلال نظام آخر مكانه، من السر والهدف، وإكراه الحكومات على القيام بأعمال لا يقبلها العقل ولا يرضى بها الشعب، وتؤدي إلى صدام بينهما لتكون الحكومة خاضعة للأنظمة الغربية وتابعة لها.
يتضح ذلك بما كتبه وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر في كتابه الشهير “الدبلوماسية” يقول:
“إن مهمة الولايات المتحدة ليست هي أن تحل مشاكل العالم العربي؛ بل إن مهمتها هي تغذية هذه المشاكل وتوسيع دائرتها وتعميق جذورها”.
لذلك نجد مكاتب لحركات التمرد السياسي في العالم الثالث، ونجد كذلك عدداً كبيراً من الثوار والمتمردين على الحكومة يلجأون إلى الولايات المتحدة، ويتوفر لهم فيها جميع التسهيلات، هذه كلها من وسائل تغذية النزاعات والخلافات والصراعات التي على ضوئها واستناداً إليها تتدخل الولايات المتحدة في هذه الدول.
إن صحيفتكم هذه لم تقصر أي تقصير في أداء واجبها من توحيد الصفوف، ونزع الخلاف، وتغذية العقول، وتنمية المهارة الكتابية في الطلبة، ورفع مستوى المعلومات، وتزويد القراء بما يحتاجون إليه من الأخبار والتقارير والتعليقات والتحليلات، وهذه هي مهمة كل صحيفة تصدر لتوجيه العقول، وتثقيف الأذهان، وإعداد الجيل الذي يتأهل للقيادة والزعامة، ويتصف بالوسطية التي هي ميزة هذه الأمة الكبرى، والحكمة التي تفتح الأبواب المغلقة بغاية من السهولة دون أن تكسرها، والرفق الذي يأتي بما لا يأتي به القسوة والغلظة من الفوز والنجاح، وعدم الاستعجال في إبداء الرأي، وتقويم وجهة النظر والحكم على الأمور الغامضة ليكون قوله سديداً، ورأيه صائباً، واتجاهه سليماً، ورؤيته محكمة وبعيدة عن الخطأ كما أشار إلى ذلك رئيس تحريرها الراحل الشيخ محمد واضح رشيد الحسني الندوي رحمه الله تعالى في إحدى افتتاحياته فيقول:.
” إن “الرائد” لم تكن في الحالة الأولى تؤيد العنف، ولا تؤيد العنف بأي حال من الأحوال من أي جهة كان، بل تدعو إلى الإفهام والتفهيم باللقاء والحوار، وتبادُل وجهات النظر، وإثارة الضمير الإنساني، وقد اختار هذا الطريق الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي في حملته في رسالة الإنسانية، وعبّر عن فكرته كذلك في خطابه الموجه إلى العاملين في سبيل العمل الإسلامي، و هذا هو طريق الوسطية، وهو الحل في العصر الحاضر كما كان الحل في العصر الماضي.
لقد جرّب الأعداء والأصدقاء وسيلة العنف لحل المسائل فانتشر العنف في العالم كله وصارت حياة الإنسان عرضة للخطر، وقد آن الأوان أن يفكروا في طريق العودة إلى الأمن والسلامة وخلق جوّ التضامن والحرية”. (السنة:52، العددان: 1-2، 1و2/يوليو 2010م).
جعفر مسعود الحسني الندوي