الشيخ إكرام الله خان الندوي
17 يناير, 2024الدكتور أحمد أمين وأشهر أعماله العلمية والتاريخية والأدبية (1)
3 فبراير, 2024العلامة حبيب الرحمن خان الشرواني: حياته ومآثره (1867–1950م)
اعتنى به/ د. أبو سحبان روح القدس الندوي
إيفاءًا بما وعدتُ في عددين 16/ نوفمبر وأول ديسمبر 2023م من صحيفة “الرائد” في مقال بعنوان: “يومان في جامعة علي كره الإسلامية” قائلاً في آخره:
“ولنا عود إلى التعريف بالعلامة الشرواني وأعماله الجليلة في عدد قريب من صحيفة الرائد، إن شاء الله تعالى”.
وقد حان الوقت بوفاء الوعد. وإنني حاولت في هذه السطور تلخيص ما كتبه عصريُّه العلامة المؤرخ عبد الحي الحسني (ت 1341هـ) في كتابه المطبق صيته الآفاق المسمّى بـ”نزهة الخواطر” (8: 111) وتذييل نجله شيخنا العلامة أبي الحسن علي الحسني الندوي عليه بين المعكوفتين.
“فهو الشيخ الفاضل حبيب الرحمن بن محمد تقي الشرواني الحنفي أحد الفضلاء المشهورين بالهند.
ولد سنة 1283هـ بقرية “بهيكن فور” من أعمال علي كره، ونشأ بها في رفاهة من العيش بظل والده وعمه نواب عبد الشكور خان، وعمر والده قرية باسمه “حبيب كنج” وأسس بها قلعة لمسكنه، وكان تلوح عليه علائم الرشد والسعادة في صغر سنه، فاشتغل بالعلم أيّامًا على المولوي عبد الغني القائم كنجي وقرأ عليه العلوم المتعارفة، وأخذ عن شيخ شيخه المفتي لطف الله الكوئلي أيضًا، تعلم اللغة الإنكليزية في مدرسة العلوم بعلي كره، وفي مدرسة كانت بآكره، وأقبل إلى الإنشاء والشعر، ثم إلى العلوم الشرعية، واستقدم المحدّث حسين بن محسن الأنصاري من “بهوبال” وقرأ عليه الصحاح قراءة تدبر وإتقان، وأجازه الشيخ حسين ويظن الشيخ عبد الحي أن الشيخ الشرواني ذكر له أن الشيخ عبد الرحمن بن محمد الأنصاري الباني بتي أيضًا أجازه في الحديث.
وزاد عليه الشيخ أبو الحسن علي بين المعكوفتين: [ودخل في الحادي وعشرين من رجب سنة 1305هـ في قرية “مرادآباد”، وبايع الشيخ الكبير فضل الرحمن البكري المرادآبادي].
وبالجملة فإنه نال الفضيلتين، وجمع الكتب النفيسة من كل علم وفن وأكثرها خطية نادرة الوجود، وصنف الكتب وله مكارم وفضائل، وحسن خلق، واشتغال بالعلوم والعبادات، والقيام بوظائف الطاعات، وقضاء حوائج المحتاجين، والسعي في صلاح المسلمين، قلما يقدر على القيام به غيره.
ثم اختار الله سبحانه له الصدارة في بلاد الدكن الإسلامية مع ما منحه من غزير المال والرئاسة في بلاده، فترك الأهل والوطن ابتغاءًا لوجه الله في خدمة المملكة الإسلامية، ولقد طلبه المير عثمان علي خان صاحب الدكن بما توسم منه الخير من غير أن يذكره لديه أحد، وذلك في سنة 1336هـ.
وأضاف إليه الشيخ أبو الحسن [فعيّنه وزيرًا للأمور الدينية والأوقاف الإسلامية، وخصه بالتكريم، واستقام على هذا المنصب الخطير نحو ثلاث عشرة سنة، متمتعًا بثقة صاحب الأمر وثناء أهل العلم والدين، كان له سهم وافر في تأسيس الجامعة العثمانية في “حيدرآباد”، التي قرّرت تدريس العلوم والفنون في لغة “أردو” لأول مرة وفي تكوين قسم الدراسات الدينية في هذه الجامعة الذي كانت له فائدة كبيرة في تخريج الشباب الجامعين بين العلوم الدينية والعلوم المدنية، حتى اعتزل عنه وأحيل إلى المعاش حوالي سنة 1348هـ، ولزم بيته محفوفًا بالكرامة، منقطعًا إلى مطالعة الكتب، وجمع النفائس منها، متوفرًا على خدمة المراكز الدينية والجهود التعليمية، مشغولاً بالذكر وأنواع العبادات.
وقد وفقه الله للحج سنة 1344هـ، وزار مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم واستفاد من مكتباتها وعلمائها”.
وكانت له عناية كبيرة بندوة العلماء من أول عهد قيامها إلى آخر يوم من أيام حياته، فكان عضوًا تأسيسيًا في لجنتها في أول يوم، واختير ثلاث مرات رئيسًا لحفلاتها السنوية، وكان من أبرز أعضائها العاملين، شديد الاقتناع بمبادئها التعليمية والإصلاحية، ولما صدرت مجلة “الندوة” سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وألف كلسان حال ندوة العلماء اختير العلامة شبلي النعماني والشيخ حبيب الرحمن الشرواني مديري التحرير للمجلة.
وكذلك كانت له صلة متينة قديمة بالكلية الإسلامية في “علي كره” إلى أن أصبحت الجامعة الإسلامية الشهيرة، فظل رئيسًا (فخريًا) لقسم الدراسات الدينية فيها مدة طويلة، ومنحته الجامعة شهادة “الدكتوراه” (الفخرية) في أصول الدين لست خلون من صفر سنة 1362هـ، اعترافًا بعلو منزلته وحسن خدمته للعلم والدين.
وكان له اتصال دائم بالمجامع العلمية والمراكز الثقافية في الهند، يشترك في لجانها، ويرأس حفلاتها.
فكان الرئيس الدائم لدار المصنفين في “أعظم كره”، والأمين العام للمؤتمر التعليمي الإسلامي في علي كره، واختير مرارًا رئيسًا للمؤتمرات الأدبية، وألقى فيها خطبًا ومحاضرات نالت الإعجاب والتقدير.
وكان من أصحاب الأساليب الأدبية في “أردو”، وكان مترسلاً بليغًا يمتاز إنشاؤه بالحلاوة والطلاوة والانسجام والرشاقة، والبعد عن التكلف والصناعة، ورسائله ومكاتيبه أنموذج للإنشاء البليغ، يفيض بالحياة،وتسيل رقة وعذبة، هي أشبه بالحديث منها بالكتابة، وكان خطيبًا مصقعًا، وشاعرًا مطبوعًا في اللغة الفارسية، ناقدًا جهبذًا للشعر الفارسي والأردي وأدبهما، مؤرخًا واسع الاطلاع، كثير المطالعة، مؤلفًا بارعًا يلوح على كتاباته أثر القبول.
وبالجملة كان من بوادر العصر ومحاسن الدهر، في الجمع بين الفضائل المشتتة والمحاسن المتنوعة، قد جمع بين الرئاستين وفاز بالحسنيين.
كان شديد الغرام بجمع الكتب النادرة، وآثار السلف من مخطوطات وتوقيعات وغير ذلك، ينفق فيها المال الجزيل وقد جمع مكتبة تحوي العدد الكبير من الكتب المخطوطة النادرة وقد ضُمَّت هذه المكتبة إلى مكتبة جامعة علي كراه الإسلامية وخصص لها جناح خاص باسمه.
له مصنفات في “أردو” من أحسنها: “علمائے سلف” و”سيرة الصديق” ومنها “نابينا علماء” جمع فيها أخبار العلماء المكفوفين، تنشيطًا لطلبة العلم وأهل هذا الزمان، و”أستاذ العلماء” في سيرة أستاذه مولانا لطف الله الكوئلي، وانتقد على ما كتبه الخطيب البغدادي عن الإمام أبي حنيفة في “تاريخ بغداد”.
وله مقالات كثيرة جمعت في مجموعة في حياته، وله شعر في “الفارسية” و”الأردو”.
مات رحمه الله يوم الجمعة لسبع خلون من ذي القعدة سنة سبعين وثلاثمائة وألف في “عليكره” في قرية “حبيب كنج”] انتهى ما كتبه السيد عبد الحي وزيادة نجله أبي الحسن.
قال أبو سحبان: أما انتفاد الشرواني على “تاريخ بغداد” للخطيب فقد تناولتُ أهميته ومنهجه في مقال قدمته في الندوة المعقودة في جامعة علي كره الإسلامية.
أما مجموعة مقالاته فهي موسومة بـ”مقالات شرواني” نشرت في حياته عام 1946م.