الشدائد تصنع الرجال
17 يناير, 2024البناء الحقيقي للنفوس
17 مارس, 2024كن منطقيا مع مبادئك
محمد خالد الباندوي الندوي
أخي العزيز!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف ترى – أيها الأخ – مظاهر الفشل والهزيمة تلك التى أصابت المسلمين في أنحاء العالم، وهل تعتقد – كما يعتقد كثير من الناس – أن الهزيمة والنصر حظوظ عمياء تصيب الشعوب وهي لا تستحقها، أو تفجؤها وهي لا تتوقعها، أو يتعثر خطاها في السير فتقهرها على وجهة كانت تؤثر سواها.
كلا – أيها الأخ – لا يتحقق نصر الشعب أو هزيمته مفاجأة، ولا تقع الأمورخبط عشواء، بل إن لهما جذورا عميقة في تاريخ الأمة قد تلوح لها أو تختفي، وقد تمتد تارة حتى تصل إلى قرن أو أكثر، وإنما الأمور موكلة بالأسباب ومرتبطة بالأقدار، وتجري الأيام وفق سنن كونية دقيقة، وتظهرعواقبها بعد استكمال الأسباب وفق متقدمات منتظمة.
وإذا أردت – أيها الأخ – أن تدرس – بجدية وإتقان – أسباب الهزائم المتلاحقة التي أصابتنا نحن المسلمين في الهند، وجدت الكثير من الأسباب التي لعبت دروها في تحقيق الفشل والهزيمة النكراء، ومنها: انقطاع صلة المسلمين عن الرسالة المحمدية أو تمسكهم بها تمسكا ينقصه عدم التوازن والجدية، فما عرفوا حقيقة النبوة المحمدية عندما اعتنقوها، وما أدركوا معنى كلمة التوحيد حينما احتضنوها، فقد تشعبت بهم المسالك وأظلمت عليهم السبل حتى تخطفتهم أهواءهم واستحوذت عليهم الشياطين، فلا يفهمون أن الإسلام ليس كلمات فارغة تتردد على اللسان، وإنما هو تصديق بالقلب وبذل للأموال والأرواح في سبيل المبدأ، وتقديم التضحية بكل رخيص وغال، ويقتضي الثبات على حقائق الإسلام والصبر والكفاح، ونسوا أو تناسوا أنه لا يتفق مع حياة الراحة والدعة، وإنما يتطلب من صاحبه التمشي مع الحق ولو كان على الشوك والقتاد، أو على ظهور المنايا.
أصبح المسلمون اليوم بتأثير التعليم الغربي خائري القوى مفقودي الإرادة، يتسارعون عند الطمع ويتخاذلون عند الفزع، يتسابقون في المغنم ويتقهقرون عند المغرم، عبيد الشهوات وصرعى الملذات لا يهمهم إلا إشباع الغرائز النفسية والمطامع الجسدية، يكتفون في إثبات ولائه للإسلام بكلمات من الثناء على الرسول والإشادة بتعاليمه، يقتربون من الإسلام ما دام الاقتراب رخيص الثمن سريع النفع، فإذا تقاضاهم الولاء الصادق موقفا ثابتاصريحا، أو طالبهم رأيا حاسما غير مجامل أو مغرما ثقيلا كانوا أول الفارين، ليس لهم من لذة الإيمان مايحملهم على التضحية، ومن غيرة العقيدة ما يبعثهم على الحركة والعمل، وأضحوا لا خير فيهم: ثرثرتهم أكثر من إنتاجهم، ودعاويهم أكثر من حقائقهم، وشهواتهم أملك لأزمتهم.
فلا بد – أيها الأخ – من أن تكون منطقيا مع نفسك ومبادئك، منطقيا مع دينك وعقيدتك، واقعيا نحو واجبك في الحياة، وواجبك نحو الرسالة، مواظبا لأحكامها، مؤدياَ لمسؤوليتها، واجتنب جهد طاقتك عن المرض النفسي والاجتماعي الذي أصابك، لأن الأمة المخدرة في مشاعرها لايتحقق لها الانتصار، ولا تكون منتصرة على عدوها ولا تستطيع أن تخدم الرسالة العالمية.