الوضع يجب أن يتغيَّر…..

وقفة تأمُّل
1 فبراير, 2024
عصافير الأقصى
17 مارس, 2024

الوضع يجب أن يتغيَّر…..

محمد وثيق الندوي (مدير التحرير)

من يتابع الأوضاع والأحداث في العالم الإسلامي يجد تناقضات غريبة بين المواقف والقرارات التي تُتَّخَذُ، ومشاكل وقضايا تحار في حلها الألباب، وأوضاعًا شاذة، تدمع العيون،وتجرح القلوب، وتفطِّر الأكباد.

إذااستعرضنا الأوضاع السائدة في العالم الإسلامي، وجدناه قد ضعف في روحه المعنوية، في القوة الإيمانية، والقوة الحربية الحقيقية التي كان يتحلى بها المسلمون في الماضي،كانت لهم القدرة على النفع والضرر، فكانت لهم رهبة وسطوة،ويُخْشَون ويُرْجَون، ويُحَاسَب لهم حسابًا.

ولكن المسلمين في الزمن الأخير أصابهم الوهن، أصابتهم علل وأدواء، أصابهم تدهور ديني وخلقي،وتفرُّق وتشتُّت، وتجرَّدوا عن الجدية والصرامة،وتغلَّب عليهم الهزل والترهُّل، والترف والبطر، هذا هو السبب الرئيسي لما تتعرض له الأمة الإسلامية من الذل والصغار، والنكسات والنكبات،فأصبحت هازلة وهزيلة كما أشار إلى ذلك الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي في كلمة له ألقاها في قاعة جمعية الإصلاح بالكويت عام 1983م، فيقول:

” لقد أصبحت الأمة الإسلامية الآن هدف المآسي والمهازل، في وقت واحد، لماذا؟ لأننا هازلون وهزيلون،العالم الإسلامي أصبح هزيلاً وهازلاً، لا جدّ فيه، تزور العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، من الشرق إلى الغرب، تجدون هناك بطرًا وترفًا، تجدون هناك فيضًا من ملاهي وملاعب، هل هناك تناسب بين ما نعيشه ونمط الحياة الذي نحياه في هذه المدن الآمنة المطمئنة، وبين ما يقع في الجزء الآخر في العالم الإسلامي؟، هل إذا زار أحد من الزوار من الخارج ورأى هذه المدن هل يستطيع أن يفهم أن هذا جزء من الجسم الإسلامي الذي تُقَطَّع أجزاؤه في ناحية أخرى، هل هذه الأمة هي نفس الأمة؟، هذه الأمة التي تسبح في بحر من البذخ، هل هي الأمة التي أصبحت هدفًا …. ، هل كلهم أعضاء الأسرة؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: مثل المسلمين في توادهم وتراحهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.

فإن العالم الإٍسلامي كما صوَّر الأمير شكيب أرسلان: “بحر كبحر العروض، بحر بلا ماء”، ليست فيه قوة ترهب، ولا يوجد قادة وحكام ينهضون لمنع هذه المآسي، وأما الذين يستطيعون أن يقوموا بذلك، فهم مكممون ومكبلون،أو يعيشون خلف القضبان أو في المنفى.

ولا يتغيَّر هذا الوضع إلا بوجود رجال مؤمنين صادقين راسخين في الإيمان بشريعة دينهم وقيمه وثوابته،ومفعمين بالاعتزاز بعقيدتهم وحضارتهم وثقافتهم، وراسخين في العلم ومتبعين للسنة، فلابدَّ من الإصلاح والتغيير بالنصح والخير، وقد أشار إلى ضرورة هذا التغيُّر الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله في إحدى خطبه فيقول:

” هذا واقع العالم الإسلامي، يجب أن يتغيَّر، وفي صالح الإنسانية أن يتغيَّر، وفي صالح مصير الإنسانية أن يتغيَّر،وإرادة الله أن يتغيَّر هذا الواقع، ويرجع العالم الإسلامي إلى ما كان عليه في قرون مشهود لها بالخير، في زمن عظمة الإسلام ومجده”.

فالأزمة الحقيقية اليوم أزمة إيمان، أزمة أخلاق، أزمة رجال،فأين الرجال الذين يوجِّهون  الحكومة إلى الوجهة الصحيحة، ويقومون بمسئولية القيادة الرشيدة والتوجيه السليم بحكمة ونصح ؟، فالحاجة إلى رجال ينسون نفوسهم ومصالحهم، ومصالح أسرتهم وأصدقائهم، ويستهدفون مصلحة بلادهم وأمتهم، كما فعل السلف في الماضي، فدانت لهم الدنيا، وتفتحت لهم الخزائن،فلما مكَّنهم الله في الأرض أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر” إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ “( الحج:41) وهذا لا يتأتى إلا بالتربية المستقيمة الصالحة، والربانية الصافية، والزهد في حطام الدنيا،واستحضار الآخرة، والاستفادة الصحيحة الأمينة بما أنعم الله عليهم من نعم وذخائر وثروات ووسائل حديثة في صالح الإنسانية.

×