الدكتور خالد حسن الهنداوي، قطر

[كلمة مرتجلة ألقاها سعادة الدكتور خالد حسن الهنداوي في مؤتمر افتراضي حول الفكر الإسلامي الشيخ محمد واضح رشيد الحسني الندوي في 17/يناير عام 2021م، عقدته جمعية المشقفين المسلمين لعموم الهند]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

أيها الإخوة المشائخ الأحباب من دون الأسماء والألقاب – نحفظها لكم -، فكلكم فضلاء وكلكم كبار والحمد لله، هذه ذكرى عزيزة على قلوبنا أن نتحدث عن الشيخ العلامة محمد واضح رشيد الندوي، أخينا وصديقنا وحبيبنا وآثاره تدل عليه، تلك آثارنا تدل علينا، فانظروا بعدنا من الآثار، وقد التقيته في القاهرة وفي عمان الأردن وفي لاهور باكستان وفي استنبول تركيا، فوجدته رجلا رزينا قوي الشخصية، عالما محققا محللا أديبا أريبا ذا شخصية متعددة المواهب، فهو إذاعي صحافي حافظ ذي اللغات ومدبر للأمور بحكمة نفاذة أخذها من الشيخ أبي الحسن الندوي شيخنا جميعا رحمه الله، وأقول فيه:

يا واضح الخير هيجت المشاعر بي

ذكراك ذكر لأهل العلم والأدب

سطعت نجما على آفاق نهضتنا

فشع نور الهدى في الهند والعرب

غذى العقول بأفكار منسقة

ذكى القلوب بأطياب من الخطب

طود عظيم وبحر في الثقافة كم

يدريه أهل النهى من سادة الندب

إنا فقدناك جسما في مجامعنا

لكن روحك في الإيقاد كاللهب

ليست القلوب التي فاضت مدامعها

مثل القلوب التي قدت من الحطب

يا رحمة الله جودي فوقهم ابدا

وبشريهم بتقبيل لخير نبي

الأستاذ واضح الندوي رحمه الله، نحن الآن نذكر بكل طبيعة للخواص والعوام قيمة هذا الرجل الأديب الفاضل والأريب والعالم الكبير والأديب اللبيب، هذا الرجل من فضله سبحانه وتعالى أن أعطاه شموسا معرفية كبيرة وتلك نعمة من الله سبحانه وتعالى، لكنه تخصص في اللغة العربية واصبح عميدا لكليتها في دار العلوم ندوة العلماء، ونحن نعرف حتى ندخل في الموضوع مباشرة في باب الأدب الإسلامي أن الإمام الجاحظ صاحب كتاب “البيان والتبيين” في الجزء الثالث من كتابه، بين لنا أن الأدب له وظيفة ووظيفة الأدب هو ما يشعر فيه الأديب أنه يصلح المجتمع، وبواسطة هذا الأدب يغير، فيكون الأدب عاملا قويا في توحيد وإصلاح المجتمع، فهو يصلح القديم وقد يغير ما فيه وربما كان أكثر فاعليا من الأرحام والأقارب، الأدب إذن إما أن يكون فاضلا وإما أن يكون سافلا، فالجاحظ ينبه على الأدب الفاضل وأخونا المرحوم الشيخ واضح كان يؤكد في كتاباته على هذا الأدب الفاضل ويذكر ترجمات أصحابه كمصطفى الصادق الرافعي والشيخ علي الطنطاوي ومصطفى لطفي المنفلوطي، ويذكر أيضا الأدباء غير الإسلاميين كنجيب محفوظ وسلامه موسى وغيرهم، ويوضح أن التجاوز والطغيان في إفساد البشر عن طريق الأدب مسلك غير إنساني، بينما الإسلام يوضح أن المسلك الإنساني يحمله ذاك الدين العظيم، ولذلك قرأنا في التاريخ أنه منذ قرنين حكمت محكمة فرنسا على أحد الشعراء عندما تجاوز حده ووصف العرى والفجور في النساء فغرمته غرامة مالية دفعها بالفرنسي عقوبة له على ذلك لأن فيه إفساد المجتمع لا إصلاحه، ومن هنا ألف الشيخ واضح رشيد رحمه الله كتبا كثيرة عن الأدب الجاهلي، وكتابا عن أعلام الأدب الحديث وتاريخ الأدب العربي ومصادر الأدب العربي أيضا وأدب الصحوة الإسلامية وصلته بالحياة، فكان عنده غيرة عجيبة نفاذة وقادة يدافع من خلالها عن الإسلام بوسيلة الأدب الإسلامي الصحيح، بينما الفاسدون يدافعون ويلوجون إلى كل فجور وإفساد، وهذا وزير الخارجية الأمريكي مائك هوم بيو عندما يزور بعض الدول العربية ينصح وزراء الخارجية كما ذكرت جريدة القدس العربي أن يدرسوا روايات نجيب محفوظ ورواية أولاد حارتنا التي هجوم على العقيدة الإسلامية وفيها دعوة إلى الإنحلال الأخلاقي العياذ بالله.

فالشيخ واضح رشيد رحمه الله مهما تكلمنا لا يسع الوقت، ونترك هذا لإخواننا ولكن نقول ليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد، ولذلك أيها الإخوة يجب علينا أن نحتفي ونحتفل بمثل هولاء الأعلام الكبار، وندوة العلماء في الهند هي أكبر مركز يمكن أن تقوم بهذه الوظيفة، وكم ألقيت فيها محاضرات رأيت جميع الطلبة يفهمون اللغة العربية ولم أحتج إلى مترجم، فهذه الميزة التي تميزت بها ندوة العلماء تذكر لها دائما وجزاهم الله خيرا، اشكر إخواننا العلماء الهنود وما قدمه أسلافهم من نهضة عظيمة في أبواب العلم الشرعي ونرجو لهم الدوام والوئام والسلام والمحبة والعطاء المتجدد.. والسلام