وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين! (1)
27 يناير, 2020العلم والتعليم منبع الأفضلية للإنسان!
5 مارس, 2020وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين! (2)
إن المسلمين في العالم المعاصر يعيشون على الأهواء وفي الأجواء في معظم الأحوال، دون مبالاة بالتميزات التي تمنحهم مكانة خاصة بين الأسرة الإنسانية وترفع شأنهم بإخراجهم بين بني البشر كلهم كخير أمة ترفع راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك هو المنصب الأعظم الذي خصت به أمة الإسلام التي تؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبياً، فأكرمت بقيادة العالم البشري إلى يوم القيامة، ولكن الواقع المعاش يشير إلى أن المسلمين تناسوا هذه المفخرة التي أكرم الله تعالى بها هذه الأمة وحدها، بصرف النظر عن أتباع الديانات السابقة من اليهود والنصارى ممن لم يرضوا بتغيير سيرتهم الماضية وعكفوا على ما كانوا عليه من غير أن يدرسوا الدين الجديد الأخير الذي قرره الله تعالى وقال: “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ” [آل عمران:19] وربط به مصير الإنسان إلى يوم الدين.
كان الدين منذ هذا الإعلان السماوي مركز التوجهات الإنسانية،وبتعاليمه حازت الإنسانية الشرف الكبير الذي حلَّت به أمة الإسلام محلّ القيادة العالمية على جميع المستويات، وهي قيادة دائمة يؤدي المسلمون حقها بأمانة العلم والإيمان وبتطبيق تعاليمها على الحياة والمجتمع، وليس ذلك مجرد ادعاء أو سياق قول، إنما مثلها السابقون الأولون في جميع المجالات عملياً،وقدموا نماذج عالية من التوفيق الكامل بين القول والعمل، والتركيز عليهما في ضوء التوجهات الإلهية والتعاليم النبوية، فأصبح أعضاء الأمة الإسلامية في كل مكان وفي كل زمان كجسد واحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، الواقع الذي تحدث عنه رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم وبشر جميع أفراد هذا الدين الكامل الدائم بأنهم يرتبطون برباط التوادد والتراحم، على أساس العقيدة والإيمان والأخوة الصادقة “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” [الحجرات:10].
أليس المسلمون اليوم يعانون من الذل والعبودية من خلال الشعوب المادية في الغرب والشرق كليهما، وذلك على المستوى العالمي فإنهم تُفرض عليهم قيود ظالمة وهم يطالَبون بمغادرة أوطانهم والمهاجرة إلى جهات مجهولة، الواقع الذي يحدث وقد حدث في كثير من أجزاء الوطن الإسلامي على أيدي العدو المتربص بهم الدوائر والخزايا،وفي عدد من الدول المسلمة قُضِي على مجموعة كبيرة من معتنقي الدين الإسلامي عن طريق تهجير إجباري وقصف أمكنتهم وأسواقهم، وتشريد أولادهم ونسائهم بقسوة منقطعة النظير، وقد أعدت برامج وترتيبات في بعض الأقطار التي يسكنها المسلمون بأغلبية ساحقة، أن يُطْردوا عن وطنهم الأصلي، ويُنقلوا إلى أمكنة مجهولة أو يُؤمروا بالمهاجرة إلى أي بلد أو مكان، وهناك مؤامرات كثيرة لسحق المسلمين وإضعاف صلتهم بالدين أو العقيدة، ولكن الذي يؤسف له هو أن عامة المسلمين يعيشون في غفلة عما يُكاد ضدهم، ولا يعرفون المكايد التي تُدَبَّرُ لإبادتهم سريًّا، كما أن كثيراً من أصحاب العلم والوعي يجهلون المؤامرات التي افترست عدداً ضخماً من أهل الدين الإسلامي والانتماءات الدينية، فلا يقيمون وزناً كبيراً للوقائع والأحداث التي تترقب ابتلاع الشخصية الإسلامية ويعيشون في غفلة غافلة.
إذن لابد من القيام بمسئولية الدعوة إلى الله على أوسع نطاق وفي جميع الجهات، إذ ليس لما نعانيه من مشكلات وقضايا أساسية، حلٌّ أصيلٌ سوى العودة إلى الوراء، إلى تاريخ السلف الصالح وإيقاظ الشعور بما قد يفاجئنا من مصائب لا يغنينا عنها حاضرنا الذي نرتضيه اليوم، والله سبحانه وتعالى قد أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم فقال “وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ” [الذاريات:55].
(سعيد الأعظمي الندوي)