الحلم منبع السعادة
27 يناير, 2020بين الأمة الراقية والأمة المتخلفة
5 مارس, 2020بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية
أخي العزيز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طالما سمعت – أيها الأخ – عن الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية وما كان لهما من الأثر البالغ في حياة الإنسان، وهنا نبين لك الفوارق الفكرية والثقافية بينهما لكي تكون على علم بما في الحضارة الإسلامية من السعادة والهناء وعوامل رقي الحضارة، وبما في الحضارة الغربية من التعاسة والشقاء وعوامل الهدم والتدمير للحضارة وقيمها.
إن الإسلام – أيها الأخ – لا ينكر الحضارة الغربية بكاملها كما لا يرضى بها على علاتها ذلك لأن القرآن الكريم يقبل كل حضارة تضمن سعادة الناس كلهم: سعادة الأكثرية المطلقة في حين أن مدنية الغرب عاجزة عن الوفاء بهذه المهمة للأسباب التالية:
- إن مدنية الغرب تقوم على فلسفة ركيزتها ونقطة استنادها القوة وإن القوة لا تدفع إلا إلى الاعتداء والتجاوز ومن هنا تنشأ الخيانة.
- الفلسفة الغربية تهدف إلى المنفعة الخسيسة بدل الفضيلة وعاطفة المنفعة تحث على التخاصم والتزاحم فيما بينهم وإنهما تدفعان إلى الجناية على الدين والثوابت الإنسانية النبيلة.
- المدنية الغربية دستورها في الحياة الجدال والصراع بدل التعاطف والتعاون ونفسية الصراع من شأنها التنازع والتدافع.
- ورابطتها الأساسية بين الناس: العنصرية والقومية السلبية التي تنمو وتتوسع على حساب الآخرين وهذا أيضاً يؤدي إلى التصادم فينشأ الدمار والهلاك.
- وإنها لا تخدم الإنسانية سوى تشجيع الأهواء والنوازع وإشباع شهوات الغرائز والرغبات والأهواء وإنها تتسبب لمسخ الإنسان وتغيير سيرته.
والإسلام يقبل الحضارة التي لا تتعارض الفطرة البشرية، فيبني أساس الحضارة على مبادئ متينة ودعائم ثابتة، فإنه يدعو إلى أصول من أهمها.
- الحضارة التي كان عمادها: الحق الذي يحقق العدالة والتوازن، والسلام وإقرار الأمن العالمي، ولا تكون نقطة استنادها القوة التي تقوي الظلم والاعتداء.
- الحضارة التي تهدف إلى الفضيلة التي تجلب المودة والتجاذب الأخوي وتنشأ بها السعادة وتزول العداوة.
- دستورها في الحياة: التعاون بدل الجدال والصراع، وشأن هذا الدستور: الاتحاد والترابط اللذان تحيا بهما الجماعات والحركات.
- خدمتها للمجتمعات البشرية: بالهدى بدل الأهواء والنوازع المرذولة، وإن الهدى يصل بصاحبه إلى درجات عالية من التكريم والكمال الإنساني.
- تقويم الروابط على أساس الدين والإيمان، ورابطة الدين تحدث الأخوة الخالصة على حساب العنصرية والقومية السلبية.
فثبت من ثم –أيها الأخ-أن الإسلام وفلسفته الحضارية إنما هي لبناء السعادة الإنسانية الحقيقية وترسيخ دعائم القيم النبيلة، فنحن لا ندعو إلى استنكار أوربا وذمها على إطلاقها، بل إنما ندعو إلى التمييز بين أوربا النافعة للبشرية بما قدمت لحياة الإنسان من خدمات وبما توصلت إليه من صناعات وعلوم وبين أوربا الثانية التي حولت سيآت الحضارة إلى حسنات، فساقت البشرية إلى السفاهة والضلالة والغواية.
فحذار حذار من الحضارة الأوربية التي هوت بالإنسان إلى درجة أدنى من درجة الحيوان لأنها ألجأته إلى الحاجات التي لم تكن في الواقع ضرورية. فأضحى الإنسان أسير متطلبات هذه المدنية لا يهمه إلا إشباع أكبر قدر من رغبات النفس.
(محمد خالد الباندوي الندوي)