الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ

حب النبي صلى الله عليه وسلم في قلب أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه
30 يوليو, 2020
رَفْعُ الْعِلْمِ
1 أكتوبر, 2020

الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ

عنْ يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا عَشَرَةً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ حَتَّى أَتَيْنَا مَكَّةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْنَا يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَدْ ضَادَّ اللهَ أَمْرَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَلَيْسَ بِالدِّينَارِ وَلَا بِالدِّرْهَمِ، وَلَكِنَّهَا الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ، وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ، لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللهِ حَتَّى يَنْزِعَ، وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ”.

تخريج الحديث: أخرجه أحمد برقم:5385 والحاكم 2/27، والبيهقي في “السنن ” 6/82 وفي “الشعب” (7673). وأخرجه أبو داود (3597) دون قوله: “ومن مات وعليه دين. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.

شرح الحديث: لقد حذر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في هذا الحديث الشريف من كبائر الإثم تحذيرا بالغا حتى يكون المرء على بينة من أمره، ويأخذ لنفسه الحيطة والحذر، ويجدّ في الهرب من هذه السيآت والموبقات، ومنها الشفاعة في حد من حدود الله وقد قال صلى الله عليه وسلم لحبه وابن حبه أسامة بن زيد حين أراد أن يشفع في قضية فاطمة المخزومية التي سرقت وقد اشتد غضبه: “أتشفع في حد من حدود الله” رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها.

ومما حذر منه صلى الله تعالى عليه وسلم وبالغ في التحذير منه أمرُ الدَّين فإنه سيُقضى يوم القيامة بالحسنات، فإن فنيت حسناته طرحت عليه سيآت صاحبه، ثم طرح في النار، أعاذنا الله منها.

وروى الطبراني في المعجم الصغير (1/ 84) برقم:111 عَنْ مَيْمُونٍ الْكُرْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَا قَلَّ مِنَ الْمَهْرِ أَوْ كَثُرَ لَيْسَ فِي نَفْسِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهَا حَقَّهَا خَدَعَهَا , فَمَاتَ , وَلَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهَا حَقَّهَا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ زَانٍ , وَأَيُّمَا رَجُلٍ اسْتَدَانَ دَيْنًا لَا يُرِيدُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى صَاحِبِهِ حَقَّهُ خَدعه حَتَّى أَخَذَ مَالَهُ , فَمَاتَ , وَلَمْ يَرُدَّ إِلَيْهِ دِينَهُ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ سَارِقٌ» قال الهيثمي في «مجمع الزوائد ومنبع الفوائد» (4/ 132): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالصَّغِيرِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

ثم قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ، لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللهِ حَتَّى يَنْزِعَ” وفي رواية ابن ماجه برقم:2320 “مَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ، أَوْ يُعِينُ عَلَى ظُلْمٍ، لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ” ولعل المراد أن لا يجادل عن الخائنين والمبطلين كما قال تعالى: “و لا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما”

ثم في آخر الحديث نفر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الوقوع في عرض المؤمن واتهامه وبهته ورميه بما هو منه بريء.

وقانا الله تعالى بفضله من هذه الأفعال الشنيعة وزيّن الإيمان في قلوبنا وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان وجعلنا من الراشدين آمين.

(عبد الرشيد الندوي)

×