السيد أبو ظفر الندوي: حياته ومآثره

منهج الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي في الفكر والدعوة (10)
21 أغسطس, 2022
منهج الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي في الفكر والدعوة (11)
7 سبتمبر, 2022

السيد أبو ظفر الندوي: حياته ومآثره

مبين أحمد الأعظمي الندوي

الكاتب الإسلامي القدير، والمؤرخ الشهير، الأستاذ السيد أبو ظفر الندوي بن السيد أبي حبيب ابن أخي العلامة السيد سليمان الندوي من خريجي دارالعلوم لندوة العلماء الأوائل، حيث إنه من زملاء شبلي المتكلم والشيخ عبدالباري الندوي في الدراسة في دارالعلوم لندوة العلماء.

نشأته ودراسته:

ولد الشيخ أبو ظفر الندوي في مدينة ديسنة بولاية بتنة في 3 ذي الحجة سنة 1307هـ – مارس عام 1889م لأسرة دينية، وتعلم العلوم الابتدائية من والده السيد أبو حبيب وخاله صغير الحق والسيد أبي حنيف، ولما بلغ الثانية عشرة من عمره انتسب إلى دارالعلوم لندوة العلماء، وتلمذ على علمائها الكبار، وتخرج فيها عام 1911م.

تبادل الرسائل بينه وبين العلامة شبلي النعماني:

وكانت بينه وبين العلامة شبلي النعماني مراسلة. وقد أورد العلامة سليمان الندوي تسع رسالات للعلامة شبلي النعماني بعثها إليه في “مكاتيب شبلي”.

نشاطاته التدريسية والعلمية:

إثر تخرجه في دارالعلوم لندوة العلماء اشتغل بوظيفة التدريس في إحدى مدارس ملتان، ثم ارتحل إلى “بورما” سنة 1915م، وفي بورما كتب أول مقال له على “التفسير” تم نشره في جريدة “رفيق” التي كانت تصدر فيها، وكان يعتزم حين إقامته في بورما أن يزور العالم، ولكن لم تكتمل عزائمه، وشاء القدر أن يعود السيد أبوظفر من بورما، ويذهب إلى أحمد آباد سنة 1922م، حيث عين أستاذاً للغة العربية في “مهاوديالاي” (الجامعة) التي أسسها الزعيم الهندي غاندي، واختير عضواً للجنة النقابية للجامعة الوطنية فيها، ولكنه لم يمكث فيها إلا قليلاً، وشد الرحال إلى كلية “جمالية” في مدراس، وعين مديراً لها. ثم دعاه نواب علي وزير الشؤون التعليمية لإمارة جونا كره، فلبى دعوته وذهب إلى جوناكره حيث أدى خدمات علمية ودينية للإمارة، وخلال إقامته فيها، أنشأ جريدة علمية باسم ” شهاب” مع الكاتب أختر الجونا كرهي. سنة 1939م، أصبح أستاذاً للغة العربية والفارسية في جامعة “شانتي نكيتن” للشاعر والمسرحي البنغالي رابندر ناته طاغور. ثم ذهب من هناك إلى “وديا سبها” بأحمد آباد، حيث ظل يشتغل بأعمال الكتابة والتأليف مع وظيفة التدريس، وفي هذه الجامعة نشر الكتاب “مظفر شاهي” بتعديل وإصلاح فيه.

مؤلفاته:

سنة 1933م، بدأت دارالمصنفين التي أقامها العلامة شبلي النعماني في مدينة أعظم جراه، سلسلة الكتابة على تاريخ الهند، فدعاه عمه السيد سليمان الندوي إليها، فامتثل أمره، واشتغل بدارالمصنفين، ومكث هناك لخمس سنوات، وصنف الكتب القيمة التاريخية أمثال ” تاريخ سندهـ” و”مختصر تاريخ هند” (تاريخ الهند الوجيز)، و”تاريخ خاندان غزنه” (تاريخ الأسرة الغزنوية).

قامت دارالمصنفين – سنة 1957م- بوضع مشروع لخمس سنوات لكتابة تاريخ الهند بمشورة الشيخ أبي الكلام آزاد ورئيس الهيئة الإدارية لدارالمصنفين الدكتور السيد محمود، فوقع اختيار أعضائها على السيد أبي ظفر الندوي لإعداد تاريخ غجرات، فوافق على ذلك وشمر له عن ساق الجد، وألف كتابه الشهير “كجرات كي تمدني تاريخ مسلمانوں کے عهد میں” (تاريخ التمدن لغجرات في العهد الإسلامي). ذكر مؤلف “تذكرة علماۓ بهار” أن مؤلفات السيد أبي ظفر الندوي تزيد على ثمانية وعشرين كتاباً، فكتابٌ باسم ” رحلة بورما”، وهو وقائع رحلته إلى بورما وذكرياته فيها، وكتابٌ باسم “المحاورة البورمية” في قواعد اللغة البورمية، وآخر باسم مختصر تاريخ كجرات (تاريخ غجرات الوجيز)، وتاريخ أوليائ كجرات (تاريخ الأولياء لغجرات)، وتذكرة محمد بن طاهر البتني، و”منتخبات أردو” (المنتخبات الأردوية)، وفرهنك اصطلاحات (معجم المصطلحات)، و”جديد معلم أردو (المعلم الجديد للغة الأردية)، و”تاريخ بوهره” (تاريخ فرقة البهرة- طائفة إسماعيلية مستعلية من الفرق الباطنية)، وعلاوة على ذلك، كتب مقالات عديدة في مجلة “معارف” الأردية الصادرة عن دارالمصنفين، كما أنه كتب عدة مقالات باللغة العربية لبعض جرائد قسطنطينة، فتم نشرها فيها. وكان يعرف اللغة السنسكريتية فترجم بعض الكتب السنسكريتية إلى اللغة الأردية.

وفاته:

وافته المنية في مسقط رأسه “ديسنه” في 28 مايو 1958م. كان رحمه الله رجلاً صالحاً، كريم الطبع، ولين الخلق. وكان له شغف زائد وعلم عميق بتاريخ ولاية غجرات بجوانب عديدة. أما من الناحية السياسية، فكان يؤيد الزعيم الهندي غاندي في حركة عدم التعاون والموالاة مع الحكومة الإنكليزية. وأما طبيعته، فكانت غير مستقلة، فلا تدوم له حالة، ولا يقر له قرار، ينتقل من مكان إلى مكان، ويشتغل بوظيفة بعد وظيفة، ولو لم يكن كذلك، لنال سمعة أكثر، وفعل أكبر مما فعل.

×