متى نفكّر في إيمان النشء الجديد وعقيدته؟
14 سبتمبر, 2020العلماء المسلمون وكفاحهم من أجل الحرية
14 سبتمبر, 2020العلامة السيد سليمان الندوي رحمه الله
هو شيخ الندويين، وسيد طائفة علماء الهند في عصره، العالم، المفسر، المحدث، المؤرخ، الكاتب، الأديب، المتكلم، العلامة السيد سليمان الندوي بن أبي الحسن رحمه الله. يشهد بعبقريته العرب والعجم، ولا يزال يستفيد بأعماله الأكاديمية أهل العلم.
مولده ومنشأه:
ولد يوم الجمعة في 23 من صفر عام 1302 هـ/22 من نوفمبر عام 1884م في قرية “دسنة” من ولاية بهار في الهند،سماه والده أبا النجيب، ثم سليمان، فاشتهر بهذا الاسم،وكانت أسرته أسرة علم وعرفان، وصلاح وتقوى، ونجابة وكرامة، فنشأ العلامة في هذه الأسرة العلمية، وتربى على العقيدة الصافية، والعادات النبيلة. فأول كتاب أثَّر في حياته هو “تقوية الإيمان” للإمام الشيخ إسماعيل الشهيد، درسه في بداية عمره، وتشكلت منه حياته العقائدية فظل متمسكاً بالعقيدة الصحيحة طيلة حياته.
طلبه للعلم:
بدأ دراسته الابتدائية في كتّاب قريته،ثم قرأ على أخيه الأكبر السيد أبي حبيب النقشبندي اللغة الفارسية و اللغة العربية مع قواعد الصرف والنحو، وقرأ بعض العلوم على والده أيضاً. كما أنه خرج في طلب العلم إلى مدارس أخرى من ولايته، وتعلم من أساتذتها من الفقه والمنطق والأدب، عامُ 1318هج/1901م يعتبر أهم ركن من أركان حياة السيد حيث رحل فيه إلى لكناؤ والتحق بدارالعلوم لندوة العلماء، وكان هذا العصر عصر حركة الإصلاح في المنهج التعليمي، و نهضت بهذه الحركة ندوة العلماء، فوجد السيد جوا مساعدا للنهل من منهل العلم بمعناه الواسع العميق متعلماً من أساتذتها العباقرة ومستفيداً من خبراتهم العلمية، وتخرج فيها عام 1907م.
أساتذته في ندوة العلماء:
من حسن حظ العلامة أنه وجد في دار العلوم لندوة العلماء أساتذة كانت لهم أسماء لامعة في أوساط العلم والأدب، منهم العلامة شبلي النعماني، والسيد عبدالحي الحسني، والمفتي عبد اللطيف السنبهلي، والمحدث حفيظ الله البندولي، والعلامة محمد فاروق الجرياكوتي، والشيخ شبلي الجيراجفوري، رحمهم الله. فأخذ العلامة عن كل واحد منهم العلم الذي كان له فيه اختصاص وصيت، وبالتركيز الخاص استفاد من العلامة شبلي النعماني استفادا كبيرا، وكان العلامة شبلي أيضاً يعنى بتربيته وتدريسه عناية بالغة، ويشير عليه أن يتقن اللغة العربية و يدرس الجرائد العربية التي تأتيه من العالم العربي، وبفضل تربيته تفتقت قريحة السيد و حصل له ذوق أدبي ورسوخ علمي شهد بهما علماء عصره، فأتى بمنجزات علمية وأدبية وفكرية حتى فاق أقرانه، ومن مفخرته أن دارالعلوم عقدت حفلة للاحتفال بالدفعة الأولى من خريجيها عام 1907م فارتجل السيد خطبتين باللغة العرببة في هذه الحفلة اندهش بهما الحضور و انبرى صوت الإعجاب من كل ناحية الحفلة، وبلغ السرور من العلامة شبلي مبلغه حتى نهض لتوه وخلع عمامته ووضعها على تلميذه. فاحتفظ السيد بهذه العمامة طول عمره وكان يلبسها في مناسبات خاصة.
نشاطه التدريسي والصحفي في ندوة العلماء:
بعد أن أكمل دراسته في ندوة العلماء طلب إليه أهل بيته أن يتعلم الطب و يمارسه كمهنة أسرية، ولكن العلامة شبلي النعماني منعهم من ذلك وعرض عليه نيابة تحرير مجلة “الندوة” فاشتغل بالكتابة في المجلة كنائب التحرير، وكان قد نشر فيها تلخيص كتاب لجرجي زيدان في عدد يناير 1905م. ثم كتب مقالات وبحوثا قيمة حول موضوعات شتى من العقيدة و التفسير والحديث والفقه والتاريخ والأدب والكلام، من هذه المقالات: “المسلمون وعلم الهيئة” و “طبقات الأرض” و “إنجيل برنابا” و “شجاعة النساء المسلمات” و “الاشتراكية والإسلام” و “مكتبة الإسكندرية” وغيرها من المقالات القيمة. فذاع صيته و نالت المجلة سمعة أكثر من قبل. وإلى جانب الكتابة في المجلة كان يقوم بالتدريس في دار العلوم لندوة العلماء. فتلقى في التدريس أيضا السمعة والإعجاب. وفي عام 1913م ذهب إلى كولكاتا و مكث بها سنة يكتب في صحيفة “الهلال” لأبي الكلام آزاد. و من مقالاته الشهيرة التي كتبها في (الهلال) “المشهد الأكبر” و “الحرية في الإسلام” و “تذكار نزول القرآن” و “قصص بني إسرائيل”. (يتبع)
(مبين أحمد الأعظمي الندوي)