إنا لفراقك لمحزونون وفاة العلامة الشريف محمد الرابع الحسني الندوي

المربي الداعية أبو الحسن الندوي رحمه الله تعالى
2 أبريل, 2023
رجل في قمة الإنسانية
15 مايو, 2023

إنا لفراقك لمحزونون وفاة العلامة الشريف محمد الرابع الحسني الندوي

د. محمد أكرم الندوي، أوكسفورد

نعي إلينا ظهر اليوم (يوم الخميس ثاني عشري شهر رمضان سنة أربع وأربعين وأربعمائة وألف) شيخنا العلامة الأديب المسند الشريف محمد الرابع الندوي، الإمام الأغر الأبيض الهاشمي، ووارث بيت النبوة، وأمين الندوة، وخليفة أبي الحسن، وقيل لنا: صدقوا أو لا تصدقوا إن هذا للخبر اليقين وإن هذا للفراق، فاستجارت بدموعها الأحداق، وحزنت القلوب والأعماق، إنا لله وإنا إليه راجعون، إليه شاكين، وبه معتصمين، وإياه مستغفرين ومسترحمين.

نعاه النعاة فكأنهم قالوا: اهتزت الأرض وزالت الرواسي، وبكت السماء وهوت الكواكب، نعوا العلم والحلم، والأدب والخلق، وسلامة الصدر، وطهارة النفس، والزهد والعفاف، والصلاح والتقى، ثكلت بموته ندوة العلماء، ويتمت به ملة المسلمين الهنود.

يا ذا الوجه البهي! ويا ذا القلب النقي! طبت حيا وطبت ميتا، عشت مجاورا في تكية بلدتك، ورهن قرارة في لكنؤ، زاهدا في الشهرة، فارا من الفخفخة وحب الظهور، نعم الأسوة كنت للشيوخ والعلماء.

يا جعفر! يا بلال! ويا خليل وأمين وسعيد، ويا آل ذلك البيت الميمون! إن بكيتم فعذركم واضح جلي، وإن صبرتم فأنتم براحلكم تقتدون، وبأجدادكم الطاهرين السادة تتمثلون.

يا أيها الندويون! ذهب شيخكم، وأشجى داركم وهدها مصاب جليل، فأمسيتم وليس بكم قوام، وصرتم كالبدر يغشاه ظلام، ما أشده تمسكا بمذهب الشمول والاعتدال، وما أثبته على محجة الحق والإنصاف، وما أعظمه استقامة على مسلك شبلي، وسليمان، وأبي الحسن، وما أبعده عن الإفراط والتفريط، وما أبلغه عداء للعصبية العمياء، والتزمت البغيض، والجمود الممقوت.

يا ركب الأدب الإسلامي! فقدت أميرك، وودعت ذلك القلم الرصين، والعقل الرزين، ويا أيها المسلمون الهنود! رحل زعيمكم في حين جفاكم الأقارب والأباعد، وكبر خطبكم ضنكا سبيله، وعظم المكروه، واستفظع الأمر، صرُم فلم تقعد بحزمه حيرة المروع، ولم يسدد مذاهبه الذعر المخيف، يا أهل الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها! ما لعيونكم لا تبكي تسكابا، إذ راب الدهر وكان الدهر ريابا.

يا إمام الكرامة لتبك عليك الإنس والجن، سلام الله عليك يا جبل الحلم إذ جهل الجهال وسفه السفهاء، تحملت حلما مثل القدس، وهمة كرضوى، وقدرا ليس يعدله قدر.

ليبك عليك المجد يا من عاش يبني المجد خمسا وتسعين سنة، ويا من ظل دهره إلى الخيرات والحسنات مرتقيا.

اللهم اغفر له، وارحمه، واجزه عن الإسلام والمسلمين خيرا، وأسكنه أعلى الجنان، وأطب له في الفردوس المقام، وأنزله دار المتقين، بجوارك يا رب العالمين.

×