السوس الذي ينخر جسم المجتمع الإسلامي
30 أبريل, 2019الثورات بين الحقيقة والتضليل
3 يونيو, 2019موقفان متناقضان للغرب
الغرب غرب، يغرب فيه كل ما نعده من الفضيلة والحياء والحشمة والكرامة والأخلاق والقيم الإنسانية الرفيعة، الغرب غرب، ومن غرائبه أن له وجهين، وجه يبديه لنا،ووجه يخفيه عنا، ولسانين: لسان يتكلم به مع أهله، ولسان يتكلم به مع غيره، وموقفين: موقف يختاره للأقليات المسيحية التي تعيش في ظل الحكم الإسلامي، وموقف يقفه من الأقليات المسلمة التي تعيش في الدول التي يحكم فيها المسيحيون .
إن الغرب لا يسمح لرجل في أرضه بأن يخل بالنظام أو يعارض القانون،أو يتآمر على الحكومة، أو يكون جماعة تتدخل في الأمور السياسية والشئون الداخلية، ويولد نظاماً ضد النظام، أو يشعل نار الفتن، ويدعو إلى الثورة على الحكومة المنتخبة.
لا نرى في الدول الغربية أي صدام بين الحكومة والشعب، ولا نرى أي عنف تمارسه الحكومة ضد شعبها، ولا نرى أي تهديد توجهه الحكومة إلى شعبها لفرض الهيمنة عليه، ولا نرى أي قوة يستعملها الغرب للضغط على الشعب، ولا نرى أي أسلوب يلجأ إليه لقمع شعبه وحرمانه من حقوقه، ولا نرى أي نوع من الاعتقال والاعدام والإقامة الجبرية والاقتحام والمحاكمة والمصادرة، بل العكس نرى الشعب في الغرب يتمتع بالحرية والعدالة والمشاركة في السياسة ويعيش بأمن وسلام.
لكن الغرب نفسه يقف من الدول الشرقية ولاسيما الإسلامية موقفاً يختلف عن موقفه من الدول الغربية، وهو يسير في التعامل مع الدول الشرقية على نهج أحد مفكريه الذي يراه البعض عبقرياً، ويراه الآخرون شيطاناً يستعاذ منه، ويعمل بفكرته التي قدمها في كتابه الذي يحمل عنوان “الأمير” والفكرة التي قدمها ذلك الرجل تقول: ” الغاية تبرر الوسيلة، ولا علاقة بين السياسة والأخلاق، ويجب على القائد أن يستعمل العنف، لأن العنف يولد الخوف، والقائد الذي يخافه الشعب أفضل من القائد الذي يحبه الشعب”.
هذا ما أوهمه الغرب قادة الدول الإسلامية وحكامها بأنهم لا يستطعيون أن يبقوا في السلطة إلا باستعمال القوة واللجوء إلى العنف، وأساليب التعذيب، وفرض القيود، وتكميم الأفواه، وسلب الحرية، وإخضاع الشعب بقوة الحديد والنار.
فكانت نتيجة هذه السياسة التي تبناها حكام الدول الشرقية وآمنوا بها أن شهدت الدول الشرقية والإسلامية ولا تزال تشهد حالة من الصراعات المستمرة بين الحكومة والشعب ومواجهة دموية بينهما،وهذا ما يريده الغرب، يريد إلقاء شعوب الدول الإسلامية في حالة الصراع والخلاف والفوضى والقلق والبطالة والفقر والتحريش بين الطوائف المختلفة، وضرب بعضها ببعض، لأن المدنية والحضارة الإنسانية لا تتقدم إلا في حالة الأمن، وما تقدمت المدنية والحضارة في حالة الصراعات والحروب الأهلية والصدام بين الحكومة والشعب.
وهذا ما نشاهده في كثير من الدول الإسلامية، فهى مرتبطة بالغرب،خاضعة له، مفتقرة إليه حتى في الحاجات الأساسية، وتحاول دائماً لإرضاء أنظمة الغرب لتساندها ضد الشعب ومطالبه.
جعفر مسعود الحسني الندوي