لابد من الركوب على الخطر لتحقيق الآمال

الإسلام دين العفو والساحة
21 ديسمبر, 2019
الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي وحبُّه للإنسانية
7 يناير, 2020

لابد من الركوب على الخطر لتحقيق الآمال

إننا نعيش في عصر يريد كل إنسان فيه أن يتم كل ما يروم، ويحقق ما في قلبه من الأماني، ويفوز في كل ما يحلم، ولاشك أن هذه المرتبة العليا لا يتمكن منها إلا للذي يعوّد نفسه على ركوب الخطر، وهذه المكانة المرموقة لا ينالها الذي يقدم الحذر، والآمال لا تتحقق إلا الذي يقوم بالسهر في دجى الليل كما أشار إليه الشاعر صفي الدين الحلي.

لا يمتطي المجد من لم يركب الخطرا

ولا ينــــال العــــلا مـــن قــــدم الحــــــــذرا

وكما يقول عبد الله باشا فكري وهو ينصح ابنه.

إذا نام غر في دجى الليل فاسهر

وقـــم للمعـــالي والعــــوالي وشمر

ولاشك أن الجهد المتواصل يجعل العاجز كيسا والغبي فطناً والفاشل ناجحاً والمتخلف متقدماً والمنهرم فاتحاً كما أشار إليه القرآن: “وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى” [النجم:39-40] وإن كان ذلك المجتهد مؤمناً بالله أم كافراً، متقياً كان أم فاسقاً، لأننا نجد أمثلة كثيرة للجاحدين لنعمة الله تعالى متحققة آمالهم لجهودهم العظيمة ووصلهم الليل بالنهار وهجر الحياة الناعمة والراحة.

هذا، وبجانب آخر نجد عدداً كبيراً من المسلمين ولاسيما الطلبة القاضين أوقاتهم القيمة في المدارس الإسلامية والكليات العصرية خائبين وخاسرين لعدم اهتمامهم بتحقيق الهدف السامي.

لماذا نجد هذا الفرق البيّن بين هذا وذاك؟ لأن الناجحين اجتهدوا ثم اجتهدوا حتى عانوا كل ما أتى به الزمان من مصائب ومشاكل وصبروا على كل ما عرض الدهر في سبيله من عراقيل وحواجز وعملوا بالقول الذي قاله صلاح الدين خليل بن أيبك:

الجد في الجد والحرمان في الكسل

فاتنصب تصب عن قريب غاية الأمل

وأما الفاشلون في أهدافهم فإنهم أملوا ثم أملوا وحلموا ثم حلموا بدون أن يصبروا على أي بلية وأرادوا العلا عفواً بدون أن يتعبوا أنفسهم فكيف يمكنهم أن ينتهوا إلى منتهاهم ويبلغوا مرامهم.

ومــن أراد العــــلا عفــــواً بلا تعــب

قضى ولم يقض من إدراكها وطرا

وهذه حقيقة أن الله أكرم كل إنسان بكفاءة تمكنه من الوصول إلى مرتبة لائقة ومنحه قدرة على حل المشاكل والقضايا ومعالجة الأزمات، رغم ذلك إنه لا يستفيد بها فكيف يمكنه أن يكون ناجحاً في هدفه المنشود.

فنظرالى ذلك يتحتم على كل من يريد السبق في مضمار الرهان أن يشحن بطارية قلبه بجمرة الجد وحرارة الجهود.

محمد انتخاب عالم الندوي

×