الشيخ الدكتور عبد الله عمر نصيف في ذمة الله

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للسعودية في ذمة الله
22 نوفمبر, 2025
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للسعودية في ذمة الله
22 نوفمبر, 2025

الشيخ الدكتور عبد الله عمر نصيف في ذمة الله

إدارة الرائد
توفي الأستاذ الدكتور الشيخ عبدالله عمر نصيف صباح الأحد 12/ أكتوبر 2025م، بعد مسيرة حافلة بالعطاء تجاوزت نصف قرن في ميادين التعليم والبحث والدعوة والإغاثة.
ويعد الأستاذ الدكتور عبد الله بن عمر نصيف (1939م – 2025م) شخصية سعودية فذة جمعت بين التفوق العلمي في مجال الجيولوجيا، والريادة في العمل الأكاديمي، والقيادة الحكيمة في المنظمات الإسلامية الدولية، تاركًا وراءه إرثًا غنيًا من العطاء والإنجازات التي خدمت وطنه وأمته،امتدت مسيرته الحافلة لأكثر من خمسة عقود، تنقل خلالها بين قاعات الجامعات ومنابر المنظمات الدولية ومقاعد مجلس الشورى، ليسطر فصولا مضيئة في تاريخ العمل الإسلامي والإنساني المعاصر.
ولد في مدينة جدة في 17/ جمادى الأولى 1358هـ الموافق 5/ يوليو 1939م، في بيت علم وعراقة، تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في مدارس جدة، حيث ظهر نبوغه مبكرًا. انطلق بعدها إلى العاصمة الرياض ليلتحق بجامعة الملك سعود (جامعة الرياض آنذاك)، حيث حصل على درجة البكالوريوس في تخصص الكيمياء والجيولوجيا بتقدير “ممتاز” مع مرتبة الشرف الأولى عام 1384هـ (1964م).
لم يتوقف شغفه العلمي عند هذا الحد، بل قاده طموحه إلى المملكة المتحدة، حيث ابتعث لمتابعة دراساته العليا، وفي عام 1391هـ (1971م)، تُوّجت رحلته الأكاديمية بحصوله على درجة الدكتوراه في الجيولوجيا من جامعة ليدز البريطانية المرموقة، ليصبح بعدها زميلًا في كل من الجمعية الجيولوجية في لندن والجمعية الجيولوجية الأمريكية، مما يعكس مكانته العلمية المرموقة في تخصصه.
تنوعت مسيرة الدكتور نصيف المهنية بشكل لافت، حيث بنى جسرًا فريدًا بين تخصصه العلمي الدقيق وبين خدمة الشأن العام والعمل الإسلامي الدولي.
بدأ الدكتور نصيف مسيرته المهنية كأستاذ في جامعة الملك سعود بالرياض بعد عودته من بريطانيا، وذلك من عام 1391هـ إلى 1393هـ. انتقل بعدها إلى جامعة الملك عبد العزيز في جدة، حيث تدرج في مناصب أكاديمية وإدارية هامة،وفي عام 1400هـ مدير جامعة الملك عبد العزيز،وفي عام 1403هـ (1983م) تولى منصب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ، وهو المنصب الذي شغله لمدة عشر سنوات حتى عام 1413هـ. خلال هذه الفترة، برزت جهوده بشكل استثنائي في دراسة أوضاع الأقليات المسلمة حول العالم والسعي لحل مشكلاتها. كان حضوره في آسيا وإفريقيا وأوروبا والأمريكيتين حضورًا إنسانيًا داعمًا، حيث كان يزور المجتمعات المسلمة ويستمع لمشكلاتها ويدعم إنشاء مساجدهم ومراكزهم التعليمية، مما جعله شخصية محورية في تعزيز شعور الانتماء لدى المسلمين في بلاد الاغتراب.
كما أطلق خلال عمله في الرابطة مشروع “سنابل الخير”، وهو مشروع إغاثي إسلامي رائد هدف إلى إنقاذ المجتمعات الفقيرة في أطراف العالم الإسلامي من براثن الفقر والجهل والمرض.
بعد مسيرته الحافلة في رابطة العالم الإسلامي، تم اختياره ليشغل منصب نائب رئيس مجلس الشورى السعودي من عام 1413هـ إلى 1422هـ (1993 – 2002م)، حيث ساهم بحكمته ورؤيته الواسعة في خدمة المصلحة الوطنية.
وإلى جانب مناصبه الرئيسية، شغل الدكتور نصيف العديد من المناصب والعضويات التي تعكس ثقله الدولي وتعدد اهتماماته، ومن أبرزها: رئيس مؤتمر العالم الإسلامي. الأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة. رئيس الاتحاد العالمي للكشاف المسلم. رئيس مجلس هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية. رئيس ومؤسس “مؤسسة عبد الله بن عمر نصيف الخيرية”.
وتقديرًا لجهوده الجبارة وإنجازاته المتعددة، نال الدكتور عبد الله عمر نصيف جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1411هـ (1991م) وغيرها من الجوائز والتكريمات.
وكانت للشيخ الدكتور عمر نصيف صلات قوية بندوة العلماء ومسؤليها وفي مقدمتهم سماحة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله، فكان معجبًا بسماحة الشيخ الندوي ومنهجه الوسط المتزن في الفكر والدعوة، وبمؤلفاته، وقد زار ندوة العلماء، وأقام بها أياما وليالي،قضاها في إلقاء الكلمات والمحاضرات، واللقاءات، والمشاركة في البرامج الثقافية والعلمية، فأفاد الأساتذة والطلبة،كما جرت اللقاءت بينه وبين الرئيس العام الحالي لندوة العلماء فضيلة الشيخ بلال عبد الحي الحسني الندوي خلال الحضور في مؤتمرات رابطة العالم الإسلامي وزيارة الحرمين الشريفين بصحبة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي.
فيتقدَّم الرئيس العام لندوة العلماء أصالة عن نفسه ونيابة عن ندوة العلماء بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرة الفقيد الراحل، سائلين المولى عز وجل أن يتغمَّد الفقيدَ بواسع رحمته ومغفرته، وأن يُسكِنه فسيح جناته، وأن يُلهِمَ أهله وذويه الصبرَ والسلوانَ. إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.