صلة الأمة بذات الرسول صلى الله عليه وسلم
12 أكتوبر, 2025الأديب الكبير نجيب محفوظ يكتب عن عبقرية سيد قطب في كتابه “التصوير الفني”
12 أكتوبر, 2025فضل التقوى
بقلم أشرف شعبان أبو أحمد (الاسكندرية)
للتقوى مكانة وأهمية في دين الله، فهي وصية الله لكل أمة بعث لها رسول، قال تعالى (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) سورة النساء آية 131وكانت من أجلها التشريعات والأوامر والوصايا، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) سورة البقرة آية 183 وقال عز وجل (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) سورة البقرة آية179 وقال تعالى في سورة البقرة آية 187 (كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون) وقد جعل الله تعالى مقياس القرب والبعد عنه التقوى، قال تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) سورة الحجرات آية 13 وجعل خير زاد يتزوده الإنسان في هذه الدنيا هو التقوى، قال تعالى (وتزودوا فان خير الزاد التقوى) سورة البقرة آية 197 وجعل خير لباس يزين الإنسان في هذه الدنيا هو لباس التقوى، قال تعالى (بابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير) سورة الأعراف آية 26 ولا يقبل الله عملا إلا من المتقين، قال تعالى (إنما يتقبل الله من المتقين) سورة المائدة آية 27 والقرآن لا يهتدي بهديه إلا المتقون، قال تعالى في سورة آل عمران آية 138 (هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين) وكل تأسيس على غير تقوى ينهار بصاحبه في نار جهنم، قال تعالى (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم) سورة التوبة آية 109.
وبالتقوى ينال وجه الله، قال تعالى (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) سورة الحج آية 37 وللمتقين حسن الجزاء في الآخرة، قال تعالى (إن المتقين في مقام أمين) سورة الدخان آية 51 وقال عز وجل (إن المتقين في جنات وعيون) سورة الحجر آية 45 وقال تعالى (إن للمتقين مفازا حدائق وأعنانا) سورة النبأ الآيات 31-32 وقال تعالى (إن المتقين في ظلال وعيون) سورة المرسلات آية 41 وأما عن جزاء المتقين في العاجلة، فالفرقان الذي يعرف به الإنسان الحق فلا يلتبس عليه والباطل فلا يخدع به، وعد به من يتقي الله، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم) سورة الأنفال آية 29 وإصلاح العمل يعطيه الله كذلك لهؤلاء، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم) سورة الأحزاب الآيات 70-71 كما جعل الله لأوليائه المتقين رعاية وحماية قال تعالى في سورة يونس الآيات 62 -64 (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ونصرة الله وتأييده ومحبته إنما يعطيها للمتقين، قال تعالى (واعلموا أن الله مع المتقين) سورة التوبة آية 36 وقال تعالى (إن الله يحب المتقين) سورة التوبة آية 7 0000(1).
وقد بين علماء الأمة ما المراد بالتقوى، فعلى سبيل المثال عرفها الإمام الراغب الأصفهاني بقوله: حفظ النفس عما يؤثم وذلك بترك المحظور ويتم ذلك بترك بعض المباحات. وعرف الإمام النووي التقوى بقوله: امتثال أمره ونهيه ومعناه الوقاية من سخطه وعذابه سبحانه وتعالى. كما عرفها الإمام الجرجاني بقوله: الاحتراز بطاعة الله تعالى عن عقوبته وهو صيانة النفس عما تستحق به العقوبة من فعل أو ترك. فمن لم يحفظ نفسه عما يؤثم فليس بمتق، فمن شاهد بعينيه ما حرمه الله تعالى، أو سمع بأذنيه ما يبغضه الله تعالى، أو بطش بيديه ما لا يرضاه الله تعالى، أو مشى إلى ما يمقته الله تعالى فإنه لم يعصم نفسه عن الإثم، ومن خالف أمره سبحانه وتعالى وارتكب ما نهي عنه فليس من المتقين، ومن عرض بالمعصية نفسه لسخط الله تعالى وعقوبته فقد أخرج نفسه عن صف المتقين0000(2) فالتقوى إن وجدت في قلب بشر لم يحتاج بعدها إلى رقيب أو حسيب فهي حاجزة عن كل شر دافعة لكل خير0000(3).
وقد وردت عدة آيات تدل على أن التقوى من أسباب الرزق منها قوله عز وجل (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) سورة الطلاق الآيات 2-3 يجعل له مخرجا من الضيق في الدنيا والآخرة ويرزقه من حيث لا يقدر ولا ينتظر وهو تقرير عام وحقيقة دائمة0000(4) فقد بين المولى جل جلاله أن من تحقق لديه شرط التقوى فإنه يجزيه بأمرين أحدهما (يجعل له مخرجا) أي ينجيه كما قال ابن عباس رضي الله عنهما من كل كرب في الدنيا والآخرة. ثانيهما (ويرزقه من حيث لا يحتسب) أي يرزقه من حيث لا يأمل ولا يرجو. وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره ومن يتق الله فيما أمره به وترك ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب أي من جهة لا تخطر بباله. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن أكبر آية في القرآن فرجا (ومن يتق الله يجعل له مخرجا)0000(5) كما قال تعالى في سورة الطلاق آية 4 (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) أي يسهل له أمره وييسره عليه ويجعل له فرجا قريبا ومخرجا عاجلا، واليسر في الأمر غاية ما يرجوه الإنسان في كل فعل أو عمل يقوم به، وإنها لنعمة كبرى أن يجعل الله الأمور ميسرة للعبد، فلا عنت ولا مشقة ولا عسر ولا ضيق، يأخذ الأمور بيسر في شعوره وتقديره وينالها بيسر في حركته وعمله ويرضاها بيسر في حصيلتها ونتيجتها ويعيش في هذا اليسر حتى يلقى الله0000(6) فكل من رغب في سعة الرزق ورغد العيش فليحفظ نفسه عما يؤثم وليمتثل أوامر الله تعالى وليجتنب نواهيه وليصن نفسه عما تستحق به العقوبة من فعل منكر أو ترك معروف0000(7) ومهما طال وقت علو الباطل وزهو المفسدين وتمكن غير المتقين في الأرض.
فان العاقبة ستكون للمؤمنين وسيكونون هم المنتصرون بإذن الله وهم الوارثون قال تعالى (والعاقبة للمتقين) سورة الأعراف آية 128 وقال تعالى (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) سورة الأنبياء آية 105 وقال تعالى (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وأن جندنا لهم الغالبون) سورة الصافات الآيات 171-173 وقال تعالى (كذلك حقا علينا ننج المؤمنين) سورة يونس آية 103 وقال تعالى (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) سورة الروم آية 47 وقال تعالى في سورة النور آية 55 (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا)0000(8)
المراجع
(1) جند الله ثقافة وأخلاقا سعيد حوى من ص221 – 224
(2) مفاتيح الرزق في ضوء الكتاب والسنة فضل إلهي من ص 23 و24
(3) جند الله ثقافة وأخلاقا سعيد حوى ص 222
(4) في ظلال القرآن سيد قطب ج6 ص 3601
(5) مفاتيح الرزق في ضوء الكتاب والسنة فضل إلهي من ص25 و26
(6) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص380
(7) مفاتيح الرزق في ضوء الكتاب والسنة فضل إلهي ص 31
(8) جند الله ثقافة وأخلاقا سعيد حوى ص 225