ابتلاء المؤمن منحة من الله

لا تتم المنى إلا لمن صبرا
6 يونيو, 2024
أحسن القصص
18 يوليو, 2024

ابتلاء المؤمن منحة من الله

محمد خالد الباندوي الندوي

أخي العزيز!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ربما نواجه – أيها الأخ – في حياتنا ما يكدر صفوها من المحن، ونتأذى من قوارص الظروف، ونتألم من مختلف الابتلاءات، ونتمنى أن نتخلص من تلك المحن والشدائد، ونعود إلى ما كنا عليه من السعادة والسلامة وحالة الصفاء.

وهل فكرت يوما –أيها الأخ –في هذا الدهر الذي يتقلب فينة وأخرى،ويتحول فيها كل شيئ بسرعة لا تجد له مثيلا ولا نظيرا،فإن كل إنسان فيه معرّض للابتلاء والمحن،يعتريه البؤس والرغد، ويتذوق الغنى والفقر،والراحة والضيق حتى كل ما لديه من النعم يتحول بين حين لآخر من حالة إلى حالة أخرى متباينة معاكسة، فهل فكرت لم هذاالابتلاء الذي يعم كل شيئ في الكون؟ ولأي مقصد هذا الاختبار الذي يغطي الكون والحياة؟.

ها نحن – أيها الأخ – ندرس القرآن الكريم وهو يبين لنا سر هذا الابتلاء،وكيف لا يبين؟ وهو تبيان لكل شيئ،يقول القرآ ن الكريم : تبرك الذي بيده الملك وهو على كل شيئ قدير، الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا، فأخبرنا القرآن بأن خالق هذا الكون والحياة جعل الدنيا دار ابتلاء واختبار، فقد جعل السعادة في الدنيا ترافقها الشقاوة، والأفراح ترادفها الأتراح، والمسرات تعقبها الأحزان لأنه يريد أن يختبر ليعلم الصادق من الكاذب، والصابر من الجازع والشاكر من الكافر. قال الله سبحانه لتبلون في أموالكم وأنفسكم (آل عمران 186) وقال واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم (الأنفال 28)

استوحينا من خلال هذه الآيات المشرقة أن الله سبحانه إذا أراد اختبار شخص لم يرد أن يختبر قوته الذاتية لأنه يعلم أنه خلق ضعيفا، وإنما يريد اختبار مدى قوة إيمانه بالله وثقته بقدرته العميمة، والاعتماد على آلائه الجسيمة الواسعة، وإن خير مثال لهذا الابتلاء قصة سيدنا إبراهيم الخليل وتقديمه لتضحية ولده الحليم امتثالا لأمر ربه وابتغاءا لمرضاته، ليختبر حبه لله وعاطفة إيثاره، والاستماتة في سبيله فقد نجح في هذا الاختبار حيث آثر أمر ربه على هوى نفسه و حاز مكانة مرموقة عند ربه بقوة إيمانه بالله وثقته بوعده الذي لا يتخلف،والاعتماد على سنته التي لا تتحول، وذلك لأنه كان جد خبير بأن الامتثال لأمر الله يجدي إليه نفعا لا محالة، ويأتي إليه بخير كثير، وكان بصيرا بأن الاختبار من الرب ليس لاختبار قوته الذاتية بل لاختبار إيمانه به والتوكل عليه والثقة بقدرته.

فكن – أيها الأخ – متأسيا بأسوة سيدنا إبراهيم الخليل في الامتثال لأوامر رب العالمين،فلا تكن جزعا ولا هلوعا إذا داهمك الخطر،بل خذ سبيل الصبر والاستقامة، ولا تكن جبانا ولا ضعيفا إذا واجهت الشدائد بل ازدد إيمانا بالله واعتمادا على وعده، وأحسن الظن بالله عند ابتلائه بأنه لم يرد بك إلا خيرا، فإن ذلك يملأ صدرك قوة،وقلبك يقينا وانشراحا، ويخفف آلامك ويذهب عنك أحزانك، ويجعلك قادرا على مواجهة الشدائد في الحياة.

×