تايم: لن يتمكّن بايدن من ردع الحوثيين إلا بوقف إطلاق النار في غزة

ليبراسيون: حالة الطوارئ الإنسانية في غزة في مواجهة اللغة العسكرية
3 فبراير, 2024
نيويورك تايمز: الغارات الأمريكية لم تدمر قدرات الحوثيين العسكرية
3 فبراير, 2024

تايم: لن يتمكّن بايدن من ردع الحوثيين إلا بوقف إطلاق النار في غزة

أنصار قبليون للحوثيين في اليمن يلوحون بالعلم الفلسطيني خلال احتجاج على ضربات الولايات المتحدة وبريطانيا، في 14 يناير 2024- رويترز

لندن- “القدس العربي: نشرت مجلة “تايم” مقالاً لتريتا بارسي، من معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، حول المواجهة الحالية في البحر الأحمر مع الحوثيين في اليمن. تساءل فيه عن الطريقة التي يتمكّن من خلالها بايدن وقف هجماتهم ضد السفن، بدون المخاطر بحرب واسعة.

وقال إن هناك سبباً بسيطاً لعدم نجاعة الغارات العسكرية الأمريكية والبريطانية ضد الحوثيين، وبالتالي تحقيق هدف إعادة فتح البحر الأحمر أمام الملاحة الدولية، فالحوثيون لا يتعرّضون لضغط تحقيق نجاح في توجيه ضربات إضافية ضد السفن التجارية، أو حتى  توجيه ضربات انتقامية ناجحة ضد البوارج الأمريكية، وكل ما عليهم عمله هو المحاولة، وهو كاف للحفاظ على حصار مستدام للبحر الأحمر، والذي تعبُر من مياهه نسبة 12% من التجارة الدولية.

الكاتب: كل ما على الحوثيين عمله هو المحاولة، وهي كافية للحفاظ على حصار مستدام للبحر الأحمر، والذي تعبُر من مياهه نسبة 12% من التجارة الدولية

كما أن معظم شركات الشحن الغربية لن تخاطر في تحريك قواربها عبر هذه المياه، ليس بسبب العمليات العسكرية التي قام بها بايدن، ولكن بسببهم، الحوثيين. ويقول بارسي إن المفارقة واضحة، حيث تقوم أغنى دولة في العالم بقصف أفقر دولة فيه.

ومن خلال تصعيد التوترات مع الجماعة التي تدعمها إيران، فإنها قد قوّت من عزيمة الجماعة لمواصلة تعطيل حركة التجارة العالمية. واستطاع الحوثيون زيادة الكلفة على سفن الحاويات في أعقاب الحرب الإسرائيلية ضد غزة، عبر إطلاق صواريخ ضد السفن التجارية التي تمرّ عبر مضيق باب المندب. إلا أن الغارات الانتقامية ضد الحوثيين في اليمن، حوّلت مسار السفن بلا رجعة، على الأقل حتى نهاية الحرب.

ومنذ الخميس، استمر الحوثيون بإطلاق الصواريخ على السفن، وبشكل يومي تقريباً.

ويوم الأحد، أسقط الأمريكيون صاروخاً حوثياً حادَ عن هدفه، لكنه حقق الهدف من إطلاقه، وهو الحفاظ على مستوى التوتر وتخويف السفن الغربية المتجهة نحو إسرائيل. وليس مضموناً أن تستمر الولايات المتحدة في إسقاط الصواريخ الحوثية، فيوم الإثنين، أصاب صاروخ حوثي حاوية أمريكية في خليج عدن. وبهذه الطريقة استطاع الحوثيون زيادة كلفة الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، وسخروا من الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك من بناء حالة ردع في البحر الأحمر.

ولبايدن خيار رفع مستوى المواجهة، وزيادة الغارات على مخازن الأسلحة للحوثيين، ولكن حتى يتم تقويض القدرات العسكرية، وهو أمر غير محتمل، نظراً للترسانة التي يملكها الحوثيون من الصواريخ المضادة للسفن، وأكثر من 200,000 مقاتل، فنتيجة الغارات الأمريكية- البريطانية ستكون نفسها: زيادة التوترات، وتقوية الحصار الفعلي الذي فرضه الحوثيون على البحر، ودفع المواجهة للتوسع إلى حرب إقليمية. وهو الخيار الذي ظل بايدن يزعم، منذ بداية الحرب على غزة، أنه يريد منعه، لكنه يقوده إلى هذه النتيجة. وعبّر الحوثيون عن هذه الرغبة، فلن تتوقف هجماتهم على السفن إلا حالة أوقفت إسرائيل حربها على غزة، والتي قتلت، حتى الآن، أكثر من 23,000 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال.

يقول بارسي إن المفارقة واضحة، حيث تقوم أغنى دولة في العالم بقصف أفقر دولة فيه

ولا يوجد ما يضمن لحفاظ الحوثيين على التزامهم بالوعد، لكنهم توقفوا فعلاً عن استهداف السفن بعد التوصل لهدنة قصيرة في غزة، في تشرين الثاني/نوفمبر، من أجل تبادل الرهائن وإطلاق السجناء، فقد انخفضت خلالها وتيرة الهجمات بشكل كبير، حسبما ما رصد معهد دراسات الحرب في واشنطن، كما أوقفت الميليشيات العراقية هجماتها ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا.

وفي يوم الهدنة، أصدر الحوثيون بياناً أكدوا فيه على أنهم سيستأنفون الهجمات في الوقت الذي سيبدأ في الإسرائيليون غاراتهم على غزة. وتجاهل بايدن هذا التحذير، ولم يذكر وقف إطلاق النار في مكالمته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 23 كانون الأول/ديسمبر. بل وأخبر الصحافيين قبلها بأنه لا توجد أية إمكانية لوقف إطلاق النار، وبالطبع استخدمت إدارته الفيتو ضد قرار في مجلس الأمن الدولي للتوقف عن القتال.

لكن بايدن يعرف أن وقف إطلاق النار سيوقف هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر، ويخفّف من سخونة الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية، وليس هذا فقط، بل سيؤدي إلى عودة الرهائن الإسرائيليين لدى “حماس”، وفوق كل هذا سيوقف سقوط المدنيين بأعداد كبيرة في غزة.

لكن بايدن، وتحت ستار الردع فعل العكس، ولو أشعل بايدن حرباً في المنطقة، فستكون بلا شك حرب اختيار، وبدون مصادقة من الكونغرس، ليس لأن بايدن طلبها وسعى إليها، بل لأنه رفض متابعة الأمر الواضح، وهو الطريق السلمي لمنعها.

×