القيم الإنسانية جوهر السعادة

من تواضع لله رفعه الله
15 مايو, 2023
العرب في الجاهلية
31 أكتوبر, 2023

القيم الإنسانية جوهر السعادة

محمد خالد الباندوي الندوي

أخي العزيز!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن النزعة المادية – أيها الأخ – قد طغت اليوم وبغت وتسربت في جميع شعب الحياة، فلا تجد ناحية من نواحي الحياة الإنسانية إلا وتجد مظاهرها متفشية في المجتمع، حتى ناحية الأخلاق والسلوك الإنساني أصبحت اليوم عرضة لهذا الخطر، فلا تكاد تجد إنسانا متحررا من ربقة المادية، وقد أصبح همه الوحيد وشغله الشاغل إشباع الغرائز النفسية، فلا يفكر الإنسان المعاصر إلا فيما يساعده في ترفيه العيش، ولا يحاول إلا لما يزيده بسطة في أسباب المعيشة، ولا يسعى إلا ما يحقق له الراحة والدعة، ونسي ما عليه نحو الأخلاق والكرامة الإنسانية من مسؤوليات، ونحو المجتمع الإنساني من واجبات، وتجاهل أن الحياة الإنسانية لاتقوم دعائمها إلا على الأخلاق الفاضلة، وأن جوهر السعادة وروحها القيم الإنسانية، وشرف النفس، وكرامة الإنسانية ورعاية حقوقها، بها ينال الإنسان السعادة الحقيقية، ويأمن من الأمراض الاجتماعية، ويسود المجتمع جو الأمن والأمان والثقة والسلامة، والإيثار والإخلاص.

ومما يبعث على الأسف الشديد أن الجيل المسلم المعاصر قد تأثر بهذه العقلية المادية الجامحة وأخذ يتبع الشعوب الغربية في منهج الحياة والتفكير، وأصبح يقيس الربح والخسارة والشرف والكرامة بالوسائل المادية والاقتصادية، ولو على حساب القيم والأخلاق والدين، فإذا كسب المال وخسر شرفه وانتهك الحدود طفق يعتبر نفسه رابحا، لأن المال عنده أصبح يغسل كل عار، ويزيل عنه كل وصمة، ونسي أو تناسى ما بعث لأجله من مهمة الإصلاح: الإصلاح في العقائد إذا فسدت، الإصلاح في مناهج التفكير إذا زاغت وانحرفت، الإصلاح في الطبائع البشرية إذاحادت وضلت عن الطريق السوي.

يقول شيخنا وأستاذنا محمد واضح رشيد الحسني وهو يؤكد على ضرورة بناء الحياة على أسس إسلامية:

إن عمل بناء الحياة على أسس أخلاقية وقيم دينية لا يتصادم مع أي مصلحة، ولا يحدث عراكا وصداما مع الحكم وأجهزته، وإنما يحتاج إلى بث وعي وشعور بالمسؤولية في المثقفين والشباب والطلبة، وهو عمل إيجابي بناء يمكن أن يكون ذلك جزءا مهما من نشاطات الحركات الإسلامية، وهو خدمة دينية وخدمة قومية، وهو أهم من السعي للوصول إلى الحكم أو الإسهام في الحياة السياسية والنضال السياسي، فإنه أساس لأي مجهود ومنطلق له”. ( البعث الإسلامي: 94/95 جمادى اللأولى1440)

فلابد –أيها الأخ – من بذل الجهود الحثيثية لبناء المجتمع على أسس أخلاقية، فإنه أساس لأي مجهود ديني، ومنطلق لأي دعوة إنسانية، وبدون إصلاح المجتمع لا تثمر أي جهود، ولا تأتي التضحيات مهما تضخمت بنتائج مرتقبة.

×