البروفيسور نجيب أشرف الندوي

فقدت بفقده……….
16 سبتمبر, 2023
العلاّمة المحقّق أبو محفوظ الكريم المعصومي(1931-2009م) كما عرفته
31 أكتوبر, 2023

البروفيسور نجيب أشرف الندوي

مبين أحمد الأعظمي الندوي

العالم الكاتب والمؤلف الناقد البروفيسور نجيب أشرف الندوي،أحد رجال العلم والأدب،كان جميل الخُلق، لطيف المعشر، حاضر البديهة، وظريف الطبع، أكب على العلم منذ صغره، واستقام عليه، تعلم عدة لغات وأتقنها بما فيها: العربية، والأردية، والفارسية، والإنجليزية، والمراتهية، والهندية، وكان كثير التحقيق والتدقيق في أصول الكلمات ومشتقاتها، وصِيغها ودلالاتها عبر الأمكنة والأزمان، ومراعياً لها في كتاباته، وله مقالات عدة في هذا الموضوع، بالنظر إلى مؤهلاته العلمية والأدبية، جعله السيد سليمان الندوي رحمه الله مديراً لمجلة “معارف” الصادرة عن دارالمصنفين أكاديمية العلامة شبلي النعماني، في يافع شبابه،وكان خطيباً بارعاً متحمساً، يلقي خطبًا حماسية ضد الحكام الطغاة، وينتقدهم انتقادا لاذعا، حتى أن الشيخ عبد السلام الندوي سمعه مرةً وهو يخطب في حفلة سياسية كانت انعقدت في بلدة أعظم جراه، فقال: إنه يجعلنا ذات يوم نُوضع خلف القضبان.

مولده ومنشأه:

ينتمي إلى بلدة “ديسنه” بمديرية “بتنه” من ولاية بهار، ولد في “آرموري” بمديرية “شانده” من ولاية مهاراشترا في غرة نوفمبر سنة1900م، حيث كان والده العالم الطبيب السيد محمد مبين مقيماً مع أمه بسبب وظيفته.

دراسته:

حصل على التعليم الابتدائي على والده رحمه الله، ثم على معلم  يأتي بيته ويُعلمه، ثم التحق بمدرسة ابتدائية، وتعلم فيها إلى الصف الرابع في اللغة المراتهية، ثم أراده السيد سليمان الندوي رحمه الله أن يتعلم في دار العلوم لندوة العلماء، فسافر إليها، والتحق بها سنة 1909م، ولم يكن قد اكتمل من عمره تسع سنوات،فدرس فيها أربع سنوات،أكمل فيها الدراسات الابتدائية للعالمية حتى سنة 1913م، وفي هذه الفترة سنحت له الفرصة أن يستفيد بالعلامة شبلي النعماني رحمه الله، وقرأ عليه كتاباً لعله “بلوغ المرام” و- كما يبدو- إنه لم يكمل المناهج الدراسية لمرحلة العالمية في دار العلوم لندوة العلماء، إلا أنه عُرِف بـ “الندوي” لكونه قد درس سنوات في ندوة العلماء، واستفاد بأساتذتها، وبلغ من العلم مبلغه المطلوب.

ثم اتجه إلى دراسة العلوم العصرية، فتعلم في إحدى المدارس الإنكليزية في الفترة ما بين 1913م و1916م،ثم حصل على التعليم الثانوي العام (Matric)سنة 1917م، والتعليم الثانوي العالي (12th)سنة 1919م، في جامعة بتنه،ومن أساتذته في التعليم الثانوي العالي: المؤرخ الهندي المعروف “سر جدو ناته سركار” ونال شهادة البكالوريس في التاريخ سنة 1924م، وشهادة الماجستير بدرجة امتياز في اللغة الفارسية سنة 1926م في جامعة كولكاتا، وتلقى ميدالية ذهبية وجائزة  بقيمة مائتي روبية. وفي أثناء دراسته فيها استفاد كثيراً بالمكتبة الشخصية لأستاذه “سرجدو ناته سركار” الذي كان نائب مستشار الجامعة آنذاك، فدرس حياة الملك أورنك زيب عالمكير دراسة عميقة، استعان بها في إكمال “رقعات عالم كيري “(خطابات أورنك زيب عالمكير) ومقدمته المستقلة له ” مقدمه رقعات عالم كير” (مقدمة خطابات أورنك زيب عالمكير).

في مجال العمل:

ويجدر بالذكر أنه اشتغل بالسياسة في مقتبل عمره، وأيَّد مبدأ ترك موالاة الحكومة الإنجليزية،وخاض في حركة الخلافة، وكانت “آبادي بانو” المعروفة بـ “بي أماں” أمُّ مولانا محمد علي جوهر تعامله معاملة الأم لأولادها.

ثم انضم إلى دارالمصنفين سنة 1921-1922م، وقضى فيها نحو عشر سنوات، وفي أثناء ذلك، قام بإعداد الكثير من المقالات والبحوث، والتعليقات، والتلخيصات، وكتابة الأخبار، وفَوض إليه الشيخ أبو الحسنات عبد الشكور الندوي عملية إكمال “خطابات أورنك زيب عالمكير”، فأكمله بجدارة، وكتب له مقدمة مستقلة نالت سمعة أكبر من أصل الكتاب، وهي إلى جانب كونها مفعمة بالمعلومات القيمة التاريخية، نموذج  للإنشاء البليغ، والأسلوب الأدبي الرفيع في اللغة الأردية.

وفي سنة 1930م عُين محاضراً في اللغة الفارسية في كلية أحمد آباد بولاية غجرات، ثم انتقل منها في العام المقبل إلى كلية إسماعيل يوسف بأندهيري ببلدة ممبائي كمحاضرٍ في قسم اللغة الأردية بها حيث اعتزل وظيفته عام 1955م.

وكان المديرَ الفخريَّ للجنة الإسلام للبحث والتحقيق في اللغة الأردية منذ 1948م، وبعد أن تخلى عن وظيفته، أصبح مديراً لها بانتظام، وشغل مع ذلك منصب إدارة المجلة الأردية الفصلية ” نوائي أدب”، وبقي عليه إلى آخر أيام حياته. وفي هذه الفترة، حقق المعجم “لغات غجري” ونشره بمقدمة قيمة له، وهو -مع صغر حجمه- كتاب قيم جداً يتحدث عن إسهام ولاية غجرات في تطوير اللغة الأردية في مراحلها التكوينية، وإضافةً إلى ذلك، شغل رئاسة “مجلس الدراسات في اللغة العربية والفارسية والأردية”، وكان عضواً في كثير من لجان البحث والتحقيق وهيئات المدارس والجامعات. وإنه نقل الكتب الآتية من اللغة الإنجليزية إلى اللغة الأردية: (Indian Home Rule)و (A Guide to Health) كلاهما للمهاتما غاندي، و(Non–Co-Operation in other countries/lands)لأحد القسوس،و (A History of Arabic Literature) للمتشرق الفرنسي كليمان هُوارت، و (The Political System of British India)للبروفيسور إي.إے. هارني. وإن له مقالات كثيرة أعدها للجرائد والمجلات بمناسبات مختلفة، بعضها في غاية الأهمية من حيث اللغة والأدب.

توفي ظهر يوم الخميس خامس سبتمبر سنة 1968م، ودفن في مقبرة “أرلا” (أندهيري، ممبائي).

×