زفرات أنين على وفاة فقيد الملة الإسلامية شيخنا السيد محمد الرابع الحسني الندوي

وفاة العالم الرباني ومرشدنا الروحي سماحة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي
10 سبتمبر, 2023
سماحة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي: كيف عرفته
10 سبتمبر, 2023

زفرات أنين على وفاة فقيد الملة الإسلامية شيخنا السيد محمد الرابع الحسني الندوي

بقلم: فيصل أحمد الندوي

واروا قبل قليل جثماناً طالما تمنينا أن تمتد حياته إلى آخر حياتنا، ونسترشد به في مهماتنا ما عشنا، ولكن هيهات ثم هيهات.

ما كل ما يتمنى المرء مدركه

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

وكل شيئ بقدر، حتى العجز والكيس. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

كان لنا كالوالد حقيقة: دهمنا أمر فلجأنا إليه، طرأ لنا سفر فاستشرناه فيه، فكان يرشدني ويوجهني، وقد ينبهني، وربما يعتبني، وبكل ما عنده من رأي ينشرح صدري، ويطمئن قلبي، كم من رأي قد ارتأيته، غيّرته برأيه، كم من برنامج قد وضعته، ألغيته بقوله، فكان في ذلك خير لي في عاقبة أمري.

فقدنا بفقدك يا سيدي أستاذاً بارعاً، ومرشداً ناصحاً، وموجها أميناً، ومربياً حكيماً، بل وأباً حنوناً وأمّا رؤوماً، ودعتنا ونحن أحوج ما نكون إليك، وخلّفتنا ونحن أحرى ما نكون أن نهتدي بك، سمعت أمس بموتك ما بين الظهر والعصر، فأمسيت على أحر من الجمر، أظلمت الدنيا في عيني، واهتزت الأرض من تحتي، وإذا بي ترتعد فرائصي، وأستنكر نفسي، ولا يكاد قلبي يصدّق سمعي، وكأني بناع ينعاه، فلم نجد بدّاً إلا أن صدقناه، أنه قد جرى القدر وانتهى الأمر.

إن مثلك يا شيخنا مهما طالت حياته قصرت، ومهما زادت أفضاله قلت.

ما أدبرت يا مولانا إلا وانهمرت الدموع من العيون، وارتفعت زفرات الأنين من القلوب، وتفتتت الأعضاد وانفجرت الأكباد.

لقد رثاك المدارس الإسلامية، والمعاهد التربوية، والجمعيات الدعوية، والدوائر الفكرية، والمؤسسات العلمية، والنوادي الأدبية، إذا لم نبك عليك فمن نبكي عليه، فليبك عليك الباكون، ولتبك السموات والأرضون، وحق لها ذلك. لقد ُحُرمنا بفوتك حظاً كبيراً من البر والوفاء، والصدق والإخلاص، والنزاهة والعفاف، والصبر والحلم، والوقار والرزانة والخشية والتقى، والزهد والورع، وطهارة النفس، وحصافة العقل، وإصابة الرأي، وسداد القول، وسلامة الفكر، ورحابة الصدر، وتوسط المنهج، ووفرة التواضع، ونقاوة الأدب، وعمق التجربة، ودماثة الخلق، ولين الجانب.

إن موتك لمصاب جلل، يخاف بعده الزلل، لا قدر الله ذلك، لا سمح الله بذلك. لا أدري من أعزيه ومن لا أعزيه، أرى نفسي أحق بالتعزية، فأعزي نفسي، وأعزي أهله وذويه من رجال ونساء، من صغار وكبار، وأعزي تلاميذه في أنحاء العالم، وأعزي الأمة الإسلامية الهندية بوجه خاص. اللهم كن لها. وإنا بفراقك يا شيخنا لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وندعو الله كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها.

وما كان قيس هلكه هلك امرئ

ولكنه بنيان قوم تهدما

×