سنوات مع فضيلة الوالد العلامة السيد محمد الرابع الحسني الندوي رحمه الله

مع الخالدين: الشيخ محمد الرابع الندوي مآثره لا تنسى
3 سبتمبر, 2023
آخر الكبار كما عرفته
7 سبتمبر, 2023

سنوات مع فضيلة الوالد العلامة السيد محمد الرابع الحسني الندوي رحمه الله

الدكتور سيد شاه تقي الدين أحمد الفردوسي الندوي(*)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم الأنبياء محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإِحسان إِلى يوم الدين. وبعد!

فاِنه اتصل بي تلميذي الأستاذ مامون الرشيد الندوي من مدينة حيدرآباد وأخبرني عن وفاة فضيلة الشيخ العلامة السيد محمد الرابع الحسني الندوي الرئيس العام لندوة العلماء فإِنا لله وإِنا إِليه راجعون أدعو الله عز وجل أن يتغمد فضيلته بواسع رحمته ورضوانه ويسكنَه فسيح جناته.

قضيت 69عاما معه في الهند وفي أرض الحرمين الشريفين. انه درسني الكتب العديدة في العلوم المختلفة منها الكتاب المعروف المختارات (من تأليف سماحة الشيخ العلامة السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله) وجغرافيا العالم الاِسلامي، والتعبير والإنشاء (كتاب معلم الإِنشاء الجزء الثالث). ومن المطالعة الإِضافية قرأت تحت إشرافه كتاب زعماء الإِصلاح في العصر الحديث وأيضًا كتاب حياتي (وكلا الكتابين للدكتور المرحوم أحمد أمين) وكذلك درّسني فضيلته رحمه الله تاريخ الأدب العربي (من العصر الجاهلي إلى العصر الحديث) وأخبرني كيف تطورت الأساليب، وما دور عبد الحميد الكاتب في هذا الجمال وطلب مني أيضًا أن أختار أسلوب الدكتور أحمد أمين والدكتور شوقي ضيف لدى الكتابة وأيضًا طلب مني أن أقرأ كتب الدكتور طه حسين والدكتورة سهيرا القلماوي فتنفيذا لتوجيهات فضيلته الكريمة أخترت أسلوبا سهلاً لدى الكتابة والتدريس.

جريدة الرائد بين الأمس واليوم:

لقد تم صدور العدد الأول لجريدة الرائد في شهر يوليو العام 1959م وكنت أول من أخبره فضيلة الوالد الشيخ العلامةالسيد محمد الرابع الحسني الندوي من طلاب دار العلوم التابعة لندوة العلماء بلكناؤ الهند عن إصدار جريدة الرائد وهذا هو شرف عظيم لي وأنا أعتز به دائماً.

وبعد فترة وجيزة من إصدار العدد الأول لجريدة الرائد فوّض إلى فضيلة الوالد وإلى زميلين لي هما

(2) الطالبان: شفيق الرحمن وإقبال أحمد الأعظمي بعض مسئوليات الجريدة فكنا نؤدي واجبنا كسكرتير التحريرلجريدة الرائد. والجدير بالذكر أن الآلة الكاتبة لم تكن لدينا ولم يكن الكمبيوتر موجود في ذلك الوقت فكنا نطلب من الخطاطين وهم كانوا يكتبون محتويات الجريدة كلها بأيديهم لذلك كنا نعاني المتاعب الكثيرة. وأحيانا أصحاب المطابع أيضًا كانوا يسببون المتاعب والعراقيل فكانت الجريدة تصدر بعد مضي الموعد المحدد لذا كنا نطلب من الجهات المسؤلة في مكتب البريد العام بمدينة لكناؤ النظر بعين العطف وعدم حرمان الجريدة من الأجور البريدية المخفضة لسبب تأخير إصدار الجريدة عن الموعد المحدد.

لوما كانت عنايت الله سبحانه وتعالى ثم التوجيهات الكريمة المستمرة من قِبَلِ فضيلة الوالد لما استطعنا القيام بأداء واجبنا على الوجه المطلوب علماً إِن جريدة الرائد كان يصدرها في البداية النادي العربي بدار العلوم التابعة لندوة العلماء وطلاب دار العلوم كانوا يساهمون في إعدادها فالطالبان: شفيق الرحمن، وإقبال أحمد الأعظمي كانا يكتبان بعض المقالات والمحتويات الأخرى وهي كانت عبارة عن بعض خطب سماحة الوالد الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي وأيضًا مقالات فضيلة الوالد الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي وأسند إلى مهمة كتابة أخبار دار العلوم فكنت أكتب تحت عنوان “في محيط دار العلوم” وأيضًا كنت أكتبُ أخبار المسلمين في العالم.

فكتبت مقالات كثيرة منها:

1 – المسلمون في الإِفريقيا الجنوبية

2 – المسلمون في مدغا سكر

3 – المسلمون في موريشيس

4 – المسلمون في ري يونين وكانت بعض الجرائد والمجلات الصادرة في الشرق الأوسط تنقل تلك المقالات في إعدادها.

وبعد وفاة سماحة الدكتور السيد عبد العلي الحسني الندوي رحمه الله الرئيس الأسبق لندوة العلماء في 7 مايو سنة 1961 الميلادي.

كتبت جريدة “سياست جديد الصادرة من مدينة (كانفور) اليومية” عن سماحة الدكتور فبنا على توجيهات فضيلة الوالد الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي قمت بترجمة الخبر من اللغة الأردوية إلى اللغة العربية وتم نشر الخبر في جريدة الرائد في التاريخ 1 / 6 / 1961م.

بناء على إرشادات وتوجيهات الرئيس العام للنادي العربي بدار العلوم التابعة لندوة العلماء وهو فضيلة الوالد الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي تم ترشيحي كسكرتير لجريدة الرائد وتم نشر.

(3) هذا الخبر في جريدة الرائد أيضًا.

وبعد استلامي مسؤلية الجريدة كسكرتير طلبت من الزملاء كتابة المقالات لجريدة الرائد وهكذا بدأت مساهمة الطلاب عمليًا.

وفي نهاية العام 1961م تم ترشيحي من قبل سماحة الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي بعد التشاور مع فضيلة الوالد الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي للدراسة في الجامعة الاِسلامية بالمدينة المنورة.

فسافرت إلى المملكة العربية السعودية مع زملائي وهم:

الأخ مظفرالحق العراقي الندوي، والأخ سراج الرحمن الندوي، والأخ محمد يونس النجرامي الندوي والأخ مزّمّل الصديقي الندوي. والتحقنا جميعًا بالجامعة الإِسلامية بالمدينة المنورة.

وبعد التحاقي بالجامعة الإِسلامية بالمدينة المنورة تم اختيار الطالب الآخر لسكرتير الرائد وهكذا مرّت الأيام والسنوات فتغير العالم وتغيرت أساليب الحياة مع التطور المستمر في التكنولوجيا والعلوم. وبفضل الله تعالى تطبع جريدة الرائدالآن في “نيو استندرد بك برنتنك ايند بائندنك بريس، لكناؤ” بدل المطبعة المتواضعة التي كانت في الماضي وأيضًا الصحيفة تصدر الآن عن مؤسسة الصحافة والنشر لندوة العلماء الهند. وصاحب الاِمتياز للجريدة كان في الماضي فضيلة الوالد الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي وكان معه سكرتير التحرير وبعض من الطلاب. ولكن الآن تشرف اللجنة المكونة من المشائخ الكرام وأصحاب الفضيلة العظام حفظهم الله.

مؤلفات فضيلة الشيخ رحمه الله:

قام الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي بتأليف الكتب القيمة في موضوعات عديدة حسب مقتضيات العصر في اللغة العربية والأردوية. وأيضًا كان فضيلة الشيخ من العلماء الذين قاموا بتطوير اللغة العربية وآدابها في الهند.

كتب فضيلته بعد وفاة شقيقه الشيخ محمد واضح رشيد الندوي رحمه الله عليه هكذا:

“وكان الفكر الإِسلامي والدعوة الإِسلامية والحضارة الأوربية موضوع دراسته، وشغل منصب مدير المعهد العالي للدعوة والفكر الإِسلامية في دار العلوم لندوة العلماء وقد استفادة في ذلك من المرجع باللغة الإنجليزية. وبصفة خاصة مؤلفات المهتدين إلى الإِسلام في أوربا والمستشرقين، بالإِضافة إلى كتب الفكر الإِسلامي باللغة العربية. (جريدة الرائد عدد ممتاز ص4 فبرائر ومارس 2019م)

(4) الاِستفادة من خبراته العلمية

وكان من حسن حظي أن حصل لي ملازمته طول مدة إقامتي في دار العلوم التابعة لندوة العلماء وبعد ذهابي إلى المدينة المنورة كنت أراسله بصفة مستمرة وحين قدومه إلى أرض الحرمين الشريفين مع سماحة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي كان يقضي بعض الأوقات معنا فكنا نستفيد من تجاربه وخبراته العلمية وتوجيهاته القيمة. وبإِذن الله تعالى سيبقى فضيلته دومًا في قلوبنا لأنه كان أبا عطوفًا ومعلمًا مثاليا.

وأخيرًا نسأل الله سبحانه وتعالي أن يتغمده بالرحمة والرضوان ويرزقنا الأجر على الصبر، والرضاء بالقضاء.

“يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي” [الفجر:27 – 30].

(*) سكرتير التحرير لجريدة الرائد الأسبق، وخانقاه منير شريف، باتنا، بيهار

×