دور الخلق الإسلامي في كسب القلوب

لتنكشف الحقيقة
7 سبتمبر, 2022
إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ
4 أكتوبر, 2022

دور الخلق الإسلامي في كسب القلوب

جعفر مسعود الحسني الندوي (رئيس التحرير)

أحكي لكم اليوم قصة لفتاة إنجليزية مثقفة، تعمل في مكتبة المتحف البريطاني الشهير براتب كبير، فشاء لها القدر أن تعتنق الإسلام، فحدث لها حادث مع أحد المترددين على تلك المكتبة التي كانت تعمل فيها، وكانت تساعده بكونها موظفة في تلك المكتبة في استخراج الكتب المطلوبة ومصادر الدراسة التي كان يحتاج إليها لإعداد البحث، فرأته عن قرب،وأعجبت بسماحته، وحسن خلقه واعتداله ووسطيته، وغزارة علمه وعمق إيمانه، وموقفه من المرأة التي لا تتبع ديانته،فرأت فيه صورة الإسلام الأصيلة النقية الصافية، وعرفت أن هذا الرجل المسلم  -وهو عالم أزهري- يجسد صورة المسلم الحقيقي، وهي صورة ناصعة ملامحها واضحة، فأعجبت بها وفتنت، حتى شهدت وآمنت بدون أن توجه إليها الدعوة إلى الإسلام،وتعرض عليها تعاليمه،وتذكر لها محاسنه،وتقدم إليها الكتب التي تعرفها بالإسلام، فلم يحدث لها من ذلك شيء؛ ولكنها أسلمت وأعلنت إسلامها بغاية من الثقة.

يروي هذه القصة ذلك العالم الأزهري نفسه،وكان يعمل مديرًا للمركز الإسلامي بلندن،وبجانب عمله مديرًا كان يدرس للدكتوراه في جامعة لندن مع زميله الدبلوماسي الشهير الذي كان يشغل منصبًا رفيعًا بالقنصلية المصرية في لندن وهو الدكتور مصطفى الفقي،فرواها له وذكر الدكتور الفقي القصة بكاملها في كتابه “دهاليز السياسة وكواليس الدبلوماسية: نوادر ومواقف” يقول:

“حكى لي الدكتور عبد الجليل الشلبي ذات يوم قصة لا أنساها، فقد قال: إنه كان في مكتبة المتحف البريطاني منذ يومين،ورأى الفتاة المسئولة عن القسم الذي يقرأ فيه ويصور الوثائق منه،وهي تبكي فسألها عن السبب وعرف منها أنها تبحث عن مخطوط عربي مهم يبدو مفقودًا،وأنها قامت في التفتيش عنه لمدة ساعات دون جدوى، فهدأ من روع الفتاة، ودعا الله أن تجد المخطوط المفقود،ثم سألها: متى تنتهين من عملك؟ فقالت له: في الخامسة مساءًا، فقال لها: سوف أحضرها ونبقى معًا لكي أبحث معك ذلك المخطوط بين الكتب لعلي أجده لأنه بالعربية فشكرت ووافقت على العرض الطيب الذي يمكن أن ينقذها من عقوبة الفصل من العمل، وبالفعل جاء الرجل في الخامسة مساءًا، وشمّر عن ساعديه وبدأ يفتش باحثًا عن الكتاب المفقود في أرفف القسم الكبير في المكتبة العريقة،والفتاة ترقبه في قلق، وقد ظل كذلك ساعتين،ثم صاح قائلاً لها: لقد وجدته،فانخرطت الفتاة بالبكاء مرة أخرى بدموع الفرح، وأكبرت لذلك العالم الأزهري شهامته ومعونته لمن يحتاجه في الظروف الصعبة، وظلت على تواصل دائم به،وجعلت تناديه بالأب، وبدأت تقرأ عن الإسلام الذي يجعل من أتباعه الحقيقيين من هم مثل ذلك العالم الأزهري، ولم يمض إلا عامين،وعلمنا أن الفتاة أعلنت إسلامها،وبدأت التبحر في الشريعة الإسلامية والقراءة في أصول الدين كما ظلت تحكي لكل من تعرف، قصة النجدة الإلهية التي جاءتها من خلال ذلك العالم المصري.

واستطرد يقول الدكتور مصطفى الفقي: أنني كلما تذكرت الدكتور عبد الجليل الشلبي وددت لو أننا استنسخنا منه الآلاف من رجال الدين الإسلامي أو حتى المئات لكان الأمر مختلفًا عما نحن عليه الآن.

×