وفاة الأخ الكريم محمد حشمة الله الندوي
18 أبريل, 2022إنا لفراقك يا محمود لمحزنون!
21 أغسطس, 2022وفاة الشيخ محمود أفندي رحمه الله
الدكتور محمد أكرم الندوي،أوكسفورد
توفي الليلة (ليلة الخميس ثالث عشري ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وألف) عالم تركيا الكبير ومصلحها العظيم الشيخ محمود أفندي النقشبندي، والذي يقدر عدد أتباعه بالملايين، فجعهم الحادث وسائر المسلمين، وعمهم من الحزن والأسف ما الله به عليم، نعم الشيخ الراحل طهارة وصدقا وتقى ونصحا للأمة، وقد كان موفقا للعزائم وميسرا للمكارم، ومحببا في عباد الله المرضيين الأبرار، ومؤملا لدى المستقيمين على الطريق الطيبين الأخيار.
وهو شيخ الطريقة النقشبندية محمود أوستا عثمان أوغلو، ولد عام 1929 في أوف بمحافظة طرابزون التركية، وحفظ القرآن الكريم وهو في السادسة، وتلقى علوم اللغة العربية والنحو والصرف واللغة الفارسية على الشيخ تسبيحي زاده، ثم درس القراءات وعلوم القرآن على الشيخ محمد رشيد عاشق كوتلو أفندي، ودرس علم الكلام والتفسير والحديث والبلاغة والفقه وأصوله، وغيرها من العلوم الشرعية عند الشيخ دورسون فوزي أفندي الذي أجازه في العلوم النقلية والعقلية وهو في سن الـ16.
وعين إماما لمسجد إسماعيل آغا في إسطنبول عام 1954 وظل فيه حتى أحيل على التقاعد عام 1996، وكان يقوم بالتدريس والوعظ والإرشاد، وهو صوفي نقشبندي الطريقة، أخذ عن أحمد أفندي مابسيوني وعلي حيدر الأخسخوي، واتسم منهجه في الدعوة إلى الله بطريقة سلمية ومنهج هادئ، ومن أقواله: “إن واجبنا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجبنا هو إحياء الناس وليس قتلهم”.
أمَّ الناس في الصلاة ودرّس الطلاب في مسجد قريته، وخصص ثلاثة أسابيع سنويا يطوف فيها أرجاء تركيا لتعليم الناس ودعوتهم، وقام بعدة جولات دعوية وتعليمية في عدة دول منها ألمانيا والولايات المتحدة، ولقي كثيرا من المضايقات، خاصة بعد انقلاب 1960 ودخول البلاد حالة الطوارئ، وحكمت عليه الإدارة العسكرية بالنفي إلى مدينة إسكي شهير وسط تركيا، لكن القرار لم يطبق، وفي سنة 1982 اتهم بالضلوع في اغتيال مفتي منطقة أسكودار، وبعد سنتين ونصف حكمت المحكمة ببراءته من التهمة، وفي عام 1985 أحيل إلى محكمة أمن الدولة بحجة أن خطبه ودروسه تهدد مبدأ علمانية الدولة، لكن المحكمة قضت ببراءته، وأطلق على سيارته الرصاص عام 2007 في محاولة لاغتياله لكنه لم يصب بأذى.
حضرتُ حفل تكريمه المنعقد في إسطنبول14-17 ذو القعدة 1431/6-9 أكتوبر 2010، على دعوة من شيخنا الجليل محمد عوامة حفظه الله تعالى، وأقمنا في فندق “واو” مع عدد كبير من العلماء والشيوخ من كافة أنحاء العالم الإسلامي، فيهم من شيوخنا فضيلة الأستاذ سعيد الرحمن الأعظمي الندوي، والشيخ مجد بن أحمد مكي، ومن إخواننا الشيخ علي أحمد الندوي، والشيخ رضاء الحق، والشيخ عيسى المنصوري، وآخرون.
وسميت الجائزة التي قرر منحها إياه باسم الإمام المجاهد محمد قاسم النانوتوي (1248-1297هـ/ 1833-1880م) مؤسِّس دار العلوم بديوبند التي أنشأها مع ثلة من رفاقه وإخوانه بهدف الحفاظ على الوجود الإسلامي في الهند إبَّان الاستعمار البريطاني.
قضى الشيخ المرحوم حياة حافلة بأعمال الدعوة والإصلاح والتعليم، وهو أحد أركان الدين في تركيا الحديثة الذين جمعوا أمور الإسلام بعد تزيُّلها، ووطدوا دعائمه بعد تضعضعها، وأحكموا مبانيه بعد تهدمها، وأمضوا عزائمهم فلم يثنهم عنها اعتراض التخويف والإذلال، جزاه الله أعلى رتبة مأمولة في جنان الفردوس خالدا في نعيم مقيم.