قضية الأرض في آسام وأحوال المسلمين فيها
11 نوفمبر, 2021أكبر منظمة هندوسية في العالم (2/الأخيرة)
23 ديسمبر, 2021أكبر منظمة هندوسية في العالم (1)
السيد عنايت الله الندوي
قد تملكت اليوم زمام الحكومة، منظمة آر إيس إيس الهندوسية التي تأسَّست سنة 1925 الميلادية ببلدة ناغفور بولاية مهاراشترا (الهند) في أيام كانت تجري فيها حركة تحرير البلاد من الإنجليز بكل نشاط وقوة في زعامة الزعيم الهندي غاندي، وكان المسلمون والهندوس يساهمون مشتركين في حركة تحرير البلاد، وإن هذه الحركة كانت منتشرة في جميع أنحاء الهند، قد تزلزلت الحكومة الإنجليزية بهذه الحركة الواسعة وخافت أن تنسلخ الهند من أيديها، فتفكر أصحاب الحكم من الإنجليز في هذا الأمر وتدبروا ثم فطنوا أخيرًا أن يجعلوا الشقاق والتفرقة بين الطبقتين الكبيرتين اللتين تسكنان في الهند وهما المسلمون والهندوس.
وبذلك اتخذ الإنجليز إجراءات عديدة وتآمروا مؤامرات متنوعة كثيرة لتنشأ العداوة والبغضاء بين هاتين الفرقتين، ومن تلك المؤامرات تأسيس منظمة آر إيس إيس في الهند، إنهم انتخبوا شابًا ناهضًا هندوسيًا من ناغفور كان يتعلم في كلية الطب ببلدة كولكاتا وأعدوه لذلك وكان ذلك الشاب هو “كيشب بلى رام هيدكيوار” الذي أسس منظمة آر إيس إيس بعد ما رجع من “كولكاتا” إلى وطنه “ناغفور” إنه جعل من أهداف آر إيس إيس توحيد صفوف الهندوس ضد المسلمين وإخراج المسلمين من أرض الهند وإقامة الدولة الهندوسية في الهند.
ما زالت آر إيس إيس تبذل جهودها لتحقيق أهدافها منعزلة عن حركة تحرير الهند كليًا، فقد انقطع أعضاؤها والمسؤولون عنها من كل نشاط وعمل نادى به غاندي وحملة لواء الحرية ضد الإنجليز حتى إنهم باعدوا أنفسهم عن حركة ترك المساعدة التي أعلنها غاندي في سنة 1930 الميلادية وهذا يدل على أن تأسيس آر إيس إيس كان بإيعاز من الحكومة الإنجليزية، ثم إن زعيمًا كبيرًا من حملة فكرة آر إيس إيس “ساوركر” قدّم أول مرة فكرة تقسيم الهند بين الهندوس والمسلمين متزعمًا بأنهما قومان مختلفان ومتفرقان، وإن هذه الفكرة هي التي غرست بذرة العداوة والبغضاء بين المسلمين والهندوس، هذا هو الأمر الذي كانت تبتغيه الحكومة الإنجليزية.
لقد نشط الإنجليز على تعميق هذه الفجوة والهوة بين المسلمين والهندوس حتى تمت عملية تقسيم الهند بين القطرين “بهارت” و”باكستان” عند تحرير البلاد سنة 1947 الميلادية وجرت عملية نقل المواطنين المسلمين من “بهارت” إلى “باكستان” والمواطنين الهندوس من باكستان إلى بهارت، ونشبت أثناء ذلك الاضطرابات الطائفية الشديدة في أرجاء الهند، قُتل في هذه الاضطرابات آلاف من المسلمين، وكذلك قتل مآت من المسلمين أثناء السفر إلى باكستان في القطارات التي كانت تنقلهم، وصل القطار إلى باكستان مع جثت المسلمين الموتى، لقد وقع كل ذلك بإيماء آر إيس إيس.
ونظرًا إلى هذه الهمجية والوحشية اضطر الزعماء للقطرين على إيقاف عملية نقل المواطنين من بلاد إلى بلاد أخرى وتمت الاتفاقية بين رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو ورئيس وزراء باكستان لياقت علي خان على منح المواطنة الهندية لكل من يسكن في الهند من المسلمين ومنح المواطنة الباكستانية لكل من يسكن في باكستان من الهندوس، وبعد ذلك توقفت عملية هجرة المسلمين والهندوس من بلاد إلى أخرى ولكن الاضطرابات الطائفية وحوادث اضطهاد المسلمين الأبرياء لا تزال تجري بأيدي متطرفين من الهندوس لهم صلة بالمنظمات الهندوسية الطائفية.
اضطر بذلك الزعيم “غاندي” إلى الإعلان برفض الأكل والشرب لنفسه إلى أن تنتهي الاضطرابات والإجراءات لقتل المسلمين، لقد انتهت الاضطرابات بعد هذا الإعلان، ولكن آر إيس إيس لم ترض بذلك ولم يسغ لأعضائها نداءُ “غاندي” لإيقاف الاضطرابات ولذلك تصدوا لقتل “غاندي” فقد تشكلت المؤامرة في “ناغفور” أعد الشابان النشيطان لـ”آر إيس إيس” ليقوما بهذا العمل الشنيع، إنهما قد تزيا بزي المسلمين إعفاء لحيتهما ولبسا السراويل والجبة والقلنسوة وحملا البندوقية الصغرى “ريوالور” وقدما إلى حيث كان غاندي مقيمًا.
ولكن الله سبحانه وتعالى صان المسلمين عن هذه المؤامرة حيث إن قاتل “غاندي” قد قبض عليه وتعورف، قد عرفه عضو برلماني كان من نفس القرية التي كان يسكنها “الغودسى”، فشهد بكل صراحة بأن هذا الشاب عامل نشيط متشدد لمنظمة آر إيس إيس، وبشهادته زال الخطر الذي كان يحدق فوق رؤوس المسلمين، بعد ثبوت علاقة القاتل بـ”آر إيس إيس” وفرض الحظر على منظمة آر إيس إيس وعلى جميع نشاطاتها في سنة 1948 الميلادية.
ولكن وزير الداخلية الأسبق “ولبهـ بهائي بتيل” الذي كان يحمل سياسة لينة تجاه آر إيس إيس أزال هذا الحظر عن آر إيس إيس في سنة 1949 الميلادية ومنح لها الفرصة لتنمية طاقاتها ونشر نشاطاتها في كل ناحية من أنحاء الهند وخارجها حتى أصبحت أكبر منظمة في العالم حتى تولت زمام السلطة في الهند منذ سبع سنوات حيث جاء في الحكم حزب بي جى بي وهو الجناح السياسي لـ”آر إيس إيس” في سنة 2014 الميلادية بقيادة نريندرا مودي.
لقد شكلت آر إيس إيس إلى يومنا هذا أكثر من سبعين جمعية تابعة لها تعمل تحتها لنشر أفكارها في كل طبقة من طبقات الهند وفي كل شعبة من شعب الحياة، تسمى هذه الجمعيات بأسرة آر إيس إيس نذكر هنا أسماء بعض الجمعيات الكبيرة منها مع الإشارة إلى نشاطاتها ملخصًا في العدد القادم إن شاء الله تعالى.