الإيمان سلاح المؤمن الوحيد

… إلى دعوة إسلامية جديدة
13 أبريل, 2020
الإسلام.. وزمن “الكورونا”
13 أبريل, 2020

الإيمان سلاح المؤمن الوحيد

يقول الكاتب الإسلامي محمد الحسني في مقالة عنوانها “جيلنا الجديد في حاجة إلى إيمان جديد”.

” أما إذا اعتقدنا إننا نستطيع محاربة الغرب بتعليمه وثقافته أو نستطيع أن نحاربه – في تعبير أصح وأفصح – بمخلفات فلسفته وفتات أفكاره فذلك وهم وخيال، وضرب من المحال، إننا لا نستطيع أن نهجم على حضارة الغرب ونقاوم غزوه الفكري وننتصر عليه بإذن الله، إلا بالإيمان الذي أفلس فيه الغرب إفلاساً شائناً، ذلك هو السلاح الوحيد، السلاح الأكيد، السلاح المضمون الذي نستطيع به تصحيح التاريخ، وتغيير اتجاه الإنسانية به وتحويل قيادة من أيد خائنة أثيمة إلى أيد مؤمنة برئية أحسنت قيادتها في أحط الأدوار وأقسى الظروف، وأرست سفينتها المتلاطمة بين الأمواج الثائرة والرياح العاتية على بر الأمان.

إننا لم نفرق بين الفلسفات والآلات، ولم نميز بين الوسائط والغايات، ولم نميز العلوم الطبيعية التي ظهر فيها العلم مجرداً عن النزعات والعقيدة، وبين العلوم العمرانية والفلسفات الاجتماعية التي سيطرت عليها نزعة الغرب المادية، بل كان نصيبنا من ثقافته وأفكاره أكثر من نصيبنا من علمه وصناعاته.

فإذا شئنا أن نتحرر من عبودية الغرب الفكرية وتبعيته الثقافية، فعلينا أن نستعرض مناهجنا التعليمية والتربوية استعراضاً جديداً، ونصوغها صوغاً جديداً يعيد إلى جيلنا الجديد، إيمانه المفقود بالله وثقته الضائعة بوعده ونصره، وبرسالته وشخصيته ويجعله عوناً على الحق، حرباً على الباطل، مؤمناً بالله، كافراً بكل ما عداه، مستخفاً بمظاهر المال والثراء، والرعب والجاه، وحينئذ يدرك نظامنا التعليمي والتربوي غايته ويحقق هدفه، وينشئ الجيل الإسلامي الجديد الذي ليس حاجة البلاد الإسلامية فحسب بل حاجة الإنسانية كلها”.

ويقول في مقال عنوانه “فقه وإيمان”.

“إنه لابد للدعوة من إيمان راسخ قوى بالله والصلة به، صلة دائمة صلة الحب والخوف، صلة الدعاء والتضرع، صلة الشكر والرجاء، صلة التوكل واليقين، صلة تجعل الإنسان يلتذ بأدنى نعمة يجدها، ويخشى من أدنى سخط يشعر به، ويستحضر مهانته وضالته أمام عظمته وكبريائه، ويرى نفسه عبداً بائساً مسكيناً لله سبحانه، ويدعوه دعاء من خضت له رقبته، وفاضت له عبرته، وذل له جسمه ورغم له أنفه.

الدعوة الإسلامية ليست أفكاراً ونظريات فحسب بل إنها تكيف الحياة على المنهاج النبوي، تكييفها بحرارة الحب الإلهي، والصلة به، والتفاني في سبيله والجهاد لإعلاء كلمته بالمهج والأرواح.

إن هذا الإنسان يكيف أخلاق الإنسان وسلوكه وتفكيره، ويؤثر فيه تأثيراً مدهشاً حتى إن كل نظرة من نظراته وكل كلمة من كلماته لا تصدر إلا عن إخلاص عميق، يشهد به كل من يجالسه، حتى إن إشراق وجهه ينم عن قلب كبير تجرد عن ما سوى الله مجالسه تذكر الآخرة، وأحاديثه تقوى الوازع الديني، وكلماته العادية تنشئ في قلب الإنسان رغبة عن الدنيا وإقبالاً إلى الآخرة.

إن هذا الإيمان هو حاجة كل إنسان لأنه المستوى المطلوب عند الله بل هو الشئ الوحيد المقصود عنده، إن نقصان هذا الإيمان لا يعوض وفراغه لا يملأ بأصالة الذوق الأدبي، والبراعة الفنية، والأساليب الأدبية ولا بالاطلاع الواسع، والخبرة الواسعة، ولا بالنظم الدقيق والذكاء الخارق،إنه شيء فوق هذا كله ولا يجبر نقصانه، ولا يملأ فراغه إلا بالإيمان نفسه والبحث عنه بجد واجتهاد، والحصول عليه مهما كلف ذلك من مشقة وعناء ومخالفة النفس والهرى”.

ويقول في مقال عنوانه “دور العاطفة والحب”.

“من أجل الوصول إلى هذه الأهداف لابد أن يكون في كل بلد إسلامي عصبة موفقة “كشافة” تنشر الوعي، وتبعث الإيمان، وتجند القوى، وتكون مركز اتصال ونقطة انطلاق، تستكشف الأفراد الذين يحملون هذه الفكرة، ويقدرون أهميتها وقيمتها، وتجمعهم في سلك واحد، ثم تربيهم على هذه المعاني، وترسخ فيهم هذا الإيمان، وتغذى القلب والعاطفة، بجانب الشعور والوعي، العاطفة التي تزيد من قوة الشعور، وتخفف من عبء “العقل” وآلام الطريق، وترفع عن الأفكار الهدامة والفلسفات السامة، العاطفة التي تقوم على أساس السنة النبوية، والشريعة الإسلامية، وتعيش في سياج منيع من حدودها وخطوطها المحددة المعلومة، هذا الاجتماع بين العاطفة والمبدأ، والقلب والعقل، والشعور والوجدان، حاجة جيلنا الجديد، وفراغ أساسي هائل لا يملأ إلا بهذا الاجتماع المتزن العادل”.

ويقول في مقال عنوانه “الغرب المتكبر والشرق المتنكر”.

“من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.

إنه نتيجة الاستغناء عن نور النبوة، وهداية السماء، إنه نتيجة الحقد الذي يغلي به صدور الصليبيين الجدد في الغرب على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته الأخيرة الخالدة، وعلى كتاب الله المقدس الأخير، الذي “لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد”.

إن المسيحية والصليبية لا تزالان تشكلان خطراً على الإسلام والمسلمين، وتضمران الحقد لهما، وتدبران المكر عليهما، وهما صورتان لحقيقة واحدة، حقيقة الكبر والحقد والتمويه والتضليل، والفساد في الأرض، وجناحان لمعسكر واحد، معسكر الكفر والضلال، أو بتعبير أدق وأفصح، معسكر المسيح الدجال.

فمالنا نحن المسلمين في الشرق نرقص على نغمات هذه الصليبية الحاقدة، ونتجاوب مع أصدائها، ونسج بحمدها، ونتفانى في حبها، ولا تمنعنا الذلة والإهانة التي لقيناها من معسكر أو كتلة، أن نجرب حظنا في معسكر آخر، أو كتلة أخرى، ونستبدل بعد عشر سنوات أو عشرين سنة سيداً قديماً بسيد جديد، واستعماراً قديماً باستعمار جديد، العبيد هم العبيد، لا تغيير ولا تبديل.

(محمد الحسني)

×