تنمية الثقة هي حاجتنا الأساسية
27 يناير, 2020إلى حقيقة الإيمان وحلاوته
5 مارس, 2020الطريق إلى النصر
أمرنا الله عز وجل بالاستعانة بالصبر والصلاة فقال “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ” [البقرة:153] ونحن اليوم في أشد حاجة إلى الاستعانة بهذا الركن الأساسي من أركان الإسلام الأربعة في هذه الفترة التي نعيش فيها،يقول الشيخ متولي الشعراوي عن هذا الركن: “الركن الأساسي الذي لا ينفك عن المسلم أبداً هو الصلاة، لأن المسلم قد يكون فقيراً فتسقط عنه الزكاة، وقد يكون مريضاً فيسقط عنه الصوم، و قد لا يستطيع أداء الحج فيسقط عنه الحج،فماذا بقي من أركان الإسلام؟ إذاً فالركن الأساسي الذي لا ينفك عن المسلم أبداً هو الصلاة”.
لاشك أننا نمر اليوم بأخطر مرحلة، تمر بها أمة تختلف عن الأمم الأخرى في العقيدة والعبادة والمعاملة والأخلاق،وفي كل ما يتعلق بالحياة وشؤونها،أمة لها تاريخ تلمع به، وأمجاد تتميز بها، وانتصارات لم يُسبق إليها.
لكن هذه الأمة التي كانت قد أتت بما أدهشت العقول، وأذهلت النفوس، وأوقعت العالم في حيرة واستغراب،يضرب به المثل في تحقيق الانتصارات، وفرض الهيمنة، وبسط النفوذ، واستهواء النفوس، فقدت كل ما تملكه من القوة والهيمنة والسلطة والإعجاب والتقدير، وأصبحت أمة لا يوزن لها وزن، ولا يحسب لها حساب، ولا تعقد بها آمال، وصارت كما نبأ به النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، وذلك بسبب إصابتها بالوهن ونزع المهابة من قلوب الأعداء، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوهن فأجاب: حب الدنيا وكراهية الموت.
نعتقد أن الهزيمة التي تتبع المسلمين في عالمنا اليوم منذ أربعة أو خمسة قرون، ترجع إلى المؤامرات التي تحاك ضدها، لا ننكر حجم من يعاند الإسلام، ويحمل الحقد والكراهية له، ويريد أن يطفئ نوره ويقتلع شجره، لكن القضية الأهم التي لا ينتبه إليها الكثير منا، هي أننا أصبنا بهذه الهزائم المتتابعة والمصائب والآلام والمحن والشدائد بفقد ما يجلب النصر ويحقق الانتصار،وهو تقوى الله،كما عهد عمر بن عبد العزيز إلى قائد جيشه ليتحقق النصر ويأتي الفرج ويتبدد الظلام، فيقول:.
” تقوى الله أفضل الْعدة وأبلغ المكيدة وَأقوى الْقُوَّة، وَأمره أَن لَا يكون من شَيْء من عدوه أَشد احتراسا مِنْهُ لنَفسِهِ وَمن مَعَه من معاصي الله فَإِن الذُّنُوب أخوف عِنْدِي على النَّاس من مكيدة عدوهم وَإِنَّمَا نعادي عدونا وننصر عَلَيْهِم بمعصيتهم وَلَوْلَا ذَلِك لم تكن لنا قُوَّة بهم لِأَن عددنا لَيْسَ كعددهم وَلَا عدتنا كعدتهم فَلَو استوينا نَحن وهم فِي الْمعْصِيَة كَانُوا أفضل منا فِي الْقُوَّة وَالْعدَد فَإِن لَا ننصر عَلَيْهِم بحقنا لَا نغلبهم بقوتنا وَلَا تَكُونُوا لعداوة أحد من النَّاس أحذر مِنْكُم لذنوبكم وَلَا تَكُونُوا بِالْقُدْرَةِ لكم أَشد تعاهدا مِنْكُم لذنوبكم وأعلموا أَن مَعكُمْ من الله حفظَة عَلَيْكُم يعلمُونَ مَا تَفْعَلُونَ فِي مسيركم ومنزلكم فاستحيوا مِنْهُم وأحسنوا صحابتهم وَلَا تؤذوهم بمعاصي الله وَأَنْتُم زعمتم فِي سَبِيل الله وَلَا تَقولُوا إِن عدونا شَرّ منا فَلَنْ يسلطوا علينا وَإِن أَذْنَبْنَا فَرب قوم قد سلط عَلَيْهِم شَرّ مِنْهُم بِذُنُوبِهِمْ فاسألوا الله العون على أَنفسكُم كَمَا تسألونه النَّصْر على عَدوكُمْ أسأَل الله ذَلِك لنا وَلكم”.
هناك كثير من الآيات القرآنية نقرأها صباحاً ومساءً، وهي تدل على الطريق الذي يؤدي إلى النصر الذي ترتاح إليه النفوس، وتهفو إليه الأفئدة، ويتوق إليه كل مؤمن يعيش في هذا العالم، يقول الله عز وجل ” إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ” (الغافر:51) فالإيمان الذي يحملنا على طاعة ربنا في كل ما يأمرنا به وينهانا عنه، هو أحد الشرطين الأساسيين لتحقُّق النصر الذي وعد الله به المؤمنين، والشرط لثاني كما تشير إليه هذه الآية الكريمة ” وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ” (الأنفال: 60) وللقوة أنواع، وهذه الأنواع تتبدل من وقت إلى وقت، ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت القوة رباط الخيل والرمي، ثم جاء وقت أصبحت القوة فيه طائرة، ثم صاروخاً، ثم قنبلة ذرية، ثم قنبلة نووية، ثم أسلحة كيماوية، ثم قمراً صناعياً، ثم إعلاماً، وهو الآن أكبر سلاح يستخدم في الحروب،وأكبر قوة تلجأ إليها الحكومات وبها يتحقق النصر في كثير من مجالات الحياة حربية كانت أم سلمية.
جعفر مسعود الحسني الندوي