العاشر من ديسمبر فرصة لإعادة النظر في وضع حقوق الإنسان القائم في العالم
1 ديسمبر, 2018لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
2 يناير, 2019الوحدة لا تتحقق إلا بالتضحية والإيثار
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد بن عبد الله الأمين،وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
لقد قال الله تعالى في كتابه القرآن الكريم: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا” [آل عمران:103]، وقال: “إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ” [الأنبياء:92].
قضى الله تعالى بذلك بأن تكون هذه الأمة أمة واحدة متمسكة بحبل الله الواحد، ولا تتفرق إلى أصناف مختلفة على أساس شعوبها وأوطانها، وهي ذرية آدم وواحدة في إنسانيتها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى”. فالتقوى هو الأساس للتقرُّب إلى الله تعالى، وبها يتميز الإنسان بين بني إخوته من البشر،أما أقسامه على أساس طرقه للحياة فهي -مهما تفرقت واختلفت -لا تتفرق على أساس بشريته وانتمائه إلى أبيه الأول آدم عليه السلام.
أما الأمة الإسلامية أمة خاتم النبيين الذي أكمل الله به الدين، وأتم لذلك نعمته على المؤمنين به، فقد طبقت ذلك على الحياة، ونهضت به وخرجت إلى البلاد، واختلطت مع شعوب أخرى، ولكن قاعدتها لحياتها الإسلامية تكون هي قاعدة هدى إليها رسول الإسلام، وقد اتحدت تعاليم جميع الأنبياء السابقين على تعاليمه،واكتملت عليه وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وصارت هي القاعدة المتفق عليها إلى نهاية الحياة البشرية، وأصبح الدين واحداً،لا يكون نجاح الإنسان إلا بالإيمان به وكون عباد الله كلهم إخواناً، وبقدر ما تكون هذه الأخوة معمولاً بها، تكون الحياة الإنسانية حاملة للنصرة والقوة، وتكون لفقدانها محرومة من القوة والنصرة.
ومن المؤسف أننا لم نبال بذلك وتفرَّقنا،كما نجده في حياتنا الحاضرة، فقد أصبحت أمة الإسلام متفرقة، وبعدت عن الأخوة الشاملة، وصارت متحاربة فيما بينها وبين أوطانها وشعوبها،وأصبح بذلك أعداؤها مسيطرين عليها ومستغلين لخيراتها ومستذلين لها في كل مكان، وأصبحت بذلك أهواء النفوس الشخصية والمنافع الفردية هي المتحكمة على نفوس الناس، وأصبح أفراد الأمة الإسلامية بذلك سائرين في هذا الطريق، ووافق عليهم قول الشاعر البحتري الذي رأى في زمانه هذه الحالة:
وتفرقوا شعباً في كل قبيلة
فيها أمير المؤمنين ومنبر
فكما ذكر الشاعر أن الأمة الإسلامية كانت أصبحت فرقاً كثيرة، وتشتَّت أمرها، وكل بقعة من بقاع العالم الإسلام أصبحت دولة منفصلة،وأصبح لها شعبها وأمرها،وأصبحت حال المسلمين اليوم مثلها.
ومن الأمر العجيب أن نرى زعماء المسلمين في زماننا ينادون بضرورة الاتحاد والوفاق، ولكن هذا النداء يبقى كلمة لا معنى لها، فإن كل مناد للاتحاد يريد اتحاد غيره مع هذا المنادي، فتتضارب الأصوات والجهود في هذا السبيل، ولا يحصل الاتحاد بين شعوب المسلمين،وذلك لأن الاتحاد يفتقر إلى التقوى والإخلاص في القول، وهو يفتقر إلى التضحية، وهو أن يتفق المسلمون في كل مكان على رأي واحد بعد مشاورة مخلصة، ندعو الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لهذا الخير.
محمد الرابع الحسني الندوي