المسلمون أمام خطرين
26 يناير, 2018المجتمع الذي يصلح لقيادة العالم
20 فبراير, 2018العالم بأشد حاجة إلى إصلاح أهاليه
بسم الله الرحمن الرحيم
العالم بأشد حاجة إلى إصلاح أهاليه
محمد الرابع الحسني الندوي
إن الأمة الإسلامية أمة مختارة اختارها الله تعالى؛ بل قرَّرلها مسئولية إصلاح البشرية العامرة في أرضها، وتصبح به الأرض أرض خير وسلام، وقد قال الله تعالى في كتابه المجيد “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ” [آل عمران:110]،وجعل رسالتها في مسئوليتها أن تكون ناصحة للناس،وذلك بأن يكونوا مؤمنين بالله بشئون الإيمان ومتصفين بالصفات الصالحة المأمور بها من الله تعالى، ويكون ذلك بالسعي المخلص وبذل الجهود الصالحة لهذه الغاية، لأن الإنسان مخلوق من تراب الأرض، وفطرته مطبوعة على أساس الطبيعة الأرضية، وهي طبيعة سافلة، ولكن الله تعالى وضع في فطرته صلاحية الارتفاع عن الأرض،قال عز وجل: “وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ” [التين:1-8].
وقد قرَّر الله تعالى أن تقوم جماعة بإنهاض الإنسان من طبيعته الترابية إلى مكانته الصالحة الرشيدة،فقد قال “وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” [آل عمران:104].
لقد بعث الله تعالى أنبياء في تاريخ البشرية لهذا العمل، قاموا بأداء مسئوليتهم،وبعث آخر أنبيائه محمداً – صلى الله عليه وسلم – ليكون خاتماً لهم بإكمال المهمة إكمالاً كاملاً، فجعله داعياً عملاقاً،وأعظم أسوة لهذا العمل، فأدى مهمته، وأعلن في آخر حياته يوم الحج الأكبر أسس هذه المهمة الرشيدة، وقال في آخر كلامه: ” ألا ليبلغ الشاهد الغائب، رب مبلغ أوعى من سامع” فسار المسلمون على هذا التوجيه الكريم، وبذلك انتشرت هداية الحق الراشدة في العالم بسرعة كبيرة، وذلك لأن هذه الجماعة تربت بتربية الرسول الخاتم على أسوة رفيعة كان يتأثر بها كل من يراها ويختارها، وبذلك نشأت بيئة إنسانية على أكرم حالة وأشرف سيرة.
وأصبح المسلمون المؤمنون بهذه الرسالة مكلفين بالقيام بهذا العمل الجليل، وظهرت آثار ذلك بصورة واضحة في بقاع الأرض التي قبلت هذه الدعوة، وأما بقاع العالم التي لم يوجد فيها هذا العمل، فبقيت عاجزة عن تقديم صور صالحة لهذه الرسالة، وبقي أهلها بعيدة عن هذا المقام الرفيع للإنسانية.
فإنه يجب أن نزيل النقص في هذا المجال لنؤدي العمل بما يرضى الله به من قيام الناس باختيار الحياة الرشيدة التي كان قد بعث لها أنبياء بذلوا جهدهم لإقامة الحياة الإسلامية الرشيدة في الأرض،لأن التقصير في ذلك يأتي بعقاب من الله تعالى، وإن الأمم التي أنكرت هذه المسئولية أهلكها الله تعالى.
وذلك لأن الله تعالى يحاسب على ذلك وبخاصة بعد ما أرسل خاتم أنبيائه لهذا العمل،وختم به الرسالة، وبهذا استطاع النبي الخاتم أن يربي جيلاً كبيراً أصبح أسوة لهذا الأمر المنشود من الحياة الإسلامية الرشيدة، ولما وقع تقصير من أفراد هذه الأمة في هذا العمل، انتشر الضلال و الفساد في بقاع مختلفة في العالم، فالعالم في أشد حاجة اليوم إلى إصلاح أمره، وإنشاء بيئة يرضى الله بها، وينال البشر خيراً ورشداً ينتظره العالم، والله ولي التوفيق.