الشدائد تصنع الرجال

الناصح والمنصوح
28 نوفمبر, 2023
كن منطقيا مع مبادئك
3 فبراير, 2024

الشدائد تصنع الرجال

محمد خالد الباندوي الندوي

أخي العزيز!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لعلك قد سمعت –أيها الأخ –المثل العربي السائر ” الشدائد تصنع الرجال” ولا شك في أن الإنسان إذا لاقى الشدائد أو واجه الصعاب في حياته يكون قوي العضلات صارم الإرادة، عالي الهمة لا يثق إلا بنفسه،ولا يعتمد إلا على قوة ساعده،ولا يلجأ عند الشدائد إلا إلى المعنويات الحسنة التي أودعتها الفطرة في طبيعته، فيجعل مثل هذا الرجل المصاب بالحرمان عزمه أمام عينيه غير ملتفت يمينا ولا شمالا، لا يفكر إلا فيما يعزز ساعده ويشد عضده، ويحقق له العزة والشرف،ويمنحه المكرمات والبطولات، لأنه يعتقد أن هذه المعاني السامية ترسخ لا محالة أقدامه، وتحقق له العزة والرقي والنهوض، وتصونه من أن يكون كريشة في فلاة تذروه الرياح.

ولقد أحسن تعليل ذلك الشيخ وهبة الزحيلي حين قال:

“الألم يولد الحركة والعمل، والحركة تنتج الخير وتحقق التقدم..

والحرمان يؤدي إلى التمرد والنقمة، والتمرد قد يصحح الأوضاع.

والقسوة في الحياة المعيشية قد تسبب الانفجار، والانفجار قد يحطم الحواجز..

وشظف العيش وخشونة الفراش ينبتان هامات الرجال العظام الذين لا تلين لهم قناة.

والانغماس في المتع واللذات آفة التخلف والضياع، والتخلف داء وبيل لإفناء الأمم كالموت البطيء”. (الوعي الإسلامي)

إن الجيل المسلم اليوم –أيها الأخ – فقد معاني العزة والشرف وأخلد إلى الدعة والراحة، وتعوّد على التزاحم على مطالب الدنيا،والاهتمام بالمظاهر الجوفاء والكماليات الظاهرة، يسعى وراء السعادة الدنيوية ورفاهية العيش،ويبذل كل ما لديه من إمكانيات في سبيل اجتناء اللذات وأهواء المادة وشهوات المال،وإن هذه الظاهرة المتفشية أدت إلى إهمال ما عليه من واجبات توطين النفس على الأهداف الصالحة نحو الدين والأمة،وهي التي جعلت أمتنا متأخرة متخلفة.

ولعلك تعترف –أيها الأخ–أن أي أمة من الأمم في العالم لم يتحقق لها التقدم والرقي إلا لمواجهتها الشدائد، وتحقيقها لمعاني العدل والإنصاف واستقلالها المادي والمعنوي،وصيانة ذاتها من غوائل الترف والانغماس في الملذات الجسدية.

فلابد لك أيها الشاب المسلم أن تركز عنايتك على تهيئة ذاتك لصالح دينك وعقيدتك، وإعداد شخصيتك لصالح أمتك، وصيانتك مما يذهب بك إلى الإخلاد إلى الراحة وحذار من أن تصير في المتاهة أو تقع في ميوعة وانحلال، فعلى عواتقك الصلبة قامت دولة الإسلام في الماضي وستقوم عليها بإذن الله.

×