نظرة على أعلام القرن العشرين في الهند وإنتاجاتهم الأدبية باللغة العربية (1)

ما تعبدون من بعدي؟
3 فبراير, 2021
ليلة مذبحة: عرض وتحليل
3 فبراير, 2021

نظرة على أعلام القرن العشرين في الهند وإنتاجاتهم الأدبية باللغة العربية (1)

لا يخفى على من له إلمام بتاريخ الهند وأعلامها وعلمائها أن الهند أنجبت شخصيات بارزة وعلماء مبرزين وعباقرة في كل ميدان من ميادين العلم، ولهم جهود عظيمة وخدمات جليلة في كل فن من الفنون وعلم من العلوم، من التفسير والحديث والفقه والتاريخ والأدب واللغة والنحو والصرف والبلاغة وما إلى ذلك من الفنون والآداب، من أراد الاطلاع على ذلك فليرجع إلى المكتبات العربية في العالم الزاخرة بالكتب والبحوث والمؤلفات فإنها خير شاهدة على ذلك، والمسلمون هم الذين احتفظوا بهذه الثروة العلمية الضخمة بشغفهم الزائد وولعهم الشديد بعلومهم النادرة القيمة وتراثهم القديم.

قد تناول هذا الموضوع كثير من الباحثين والمؤلفين والكتاب والأدباء قديماً وحديثاً وقاموا بدراسات عميقة ومطولة تحيطه من شتى الجوانب والنواحي المختلفة، وقدموا إنتاجاتهم العلمية والأدبية على هذا الموضوع، أريد أن أذكر بخاصة أعلام الأدباء في القرن العشرين في الهند الذين برزوا في هذا المجال، وأثروا مكتبات العالم بإنتاجاتهم الأدبية ولعبوا دوراً ملموساً في تربية النشء الجديد تربية إسلامية هادفة، وإحياء التراث العربي، واللغة العربية، والأدب الإسلامي،وصوغ الأذهان والأفكار الجديدة في قالب الأدب والأخلاق، وعرفوا بالأدب العربي،واستخرجوا كنوز العرب الدفينة وآثارهم من كتبهم وكلامهم وجاءوا بها منقحة مهذبة، وكذلك أريد أن أركز على الاهتمام بأولئك العلماء البارزين الذين يمتازون بأدبهم الرائع، وأسلوبهم الساحر الخلاب، وأفكارهم النزيهة، وعباراتهم الشيقة، ومعانيهم السامية، وذوقهم الرفيع، وشعورهم المرهف في القرن العشرين خاصة، وما تركوا لنا من الثروة الأدبية القيمة الهادفة والآثار الأدبية والعلمية، وما ألفوا من الكتب في الفنون الأدبية، وما علقوا من شروح وحواش على الكتب الأدبية القيمة، وما وضعوا من مقررات دراسية باللغة العربية،وما أصدروا من المجلات والصحف والجرائد وما أسسوا من المدارس العربية في عصرنا الحاضر.

أما اللغة العربية وآدابها في الهند في القرن العشرين فإنها مرت بمراحل عديدة وتجارب مختلفة من الدراسة والصحافة والكتابة والخطابة، وساهم أبناؤها في ترقية اللغة العربية وتطويرها فقد اعتنوا بهذه اللغة يدافعون عن الدين والعقيدة، فأبناء الهند وعلماؤها خدموا العلم والأدب على نوعين ولهم سهم كبير في خدمة اللغة العربية ونشرها بين المثقفين.

الأول: إنشاء المدارس في هذه البلاد وكثرتها وانتشارها بنطاق واسع،ومن أبرز هذه المدارس التي اهتمت بهذه اللغة الشريفة: دار العلوم ديوبند، وجامعة ندوة العلماء التي كانت غايتها التوفيق بين العلوم العصرية والعلوم الدينية والجمع بين القديم والجديد والاعتناء باللغة العربية وآدابها كلغة حية، ومدرسة الإصلاح التي كان من مقاصدها تحسين طريقة تعليم اللغة العربية وإلغاء العلوم القديمة والعكوف على طلب علوم القرآن، وجامعة علي جراه الإسلامية وغيرها من المدارس والجامعات.

الثاني: المؤلفات والكتب التي ألفت باللغة العربية والتي ألفها العلماء الذين تخرجوا في المدارس والجامعات، فنبغ كثير من العلماء والأدباء والمؤلفين العظام في الفنون الأدبية والإسلامية، وكان الكتاب الذي يدرس في صدر هذا العصر باسم الأدب العربي وهو المقامات للحريري الذي كان يمثل الأسلوب الصناعي الأجوف المموه، وكانت القلوب مأخوذة بسحر المقامات لدقة صناعتها ولسجعها وجمال عباراتها، ثم بعد ذلك لما رأى علماء الهند أن المصريين آثروا الطريقة الخلدونية لجريانها مع الطبع وملاءمتها لروح العصر فقلدوا المصريين في الكتابة والإنشاء وساروا على نهجهم. (يتبع)

 

(د/ محمد وسيم الصديقي الندوي)

×