إن السيرة النبوية لا تزال هي المعين الثَرُّ الذي تنهل منه الأمة الإسلامية أزكى معاني الخير، وأسمى مبادئ العز، والمجد، والكرامة، وأقوم مناهج التربية والتوجيه، وأفضل معاني الشرف والفضيلة، وترشد الأسوةُ المحمديةُ الأمةَ إلى معالم الطرق، وتضع أقدامَها على جادّة الصواب، وترسم لها صورةَ الحياة الفاضلة النبيلة، وتهديها إلى أصول الحياة الحُرَّة الكريمة، فلا تضلّ ولا تشقى، ولا تزيغ ولا تضطرب، ولا تلتبس عليها السبلُ، مسلكُها واضحٌ، وسالكُها رابحٌ.
وإن سيرة حبيبنا ورسولنا العظيم الطيبة الجامعة لشتى الأمور والكمالات والصفات، هي ملاك الأخلاق، وجماع التعاليم لشعوب الأرض، وللناس كافة، في أطوار الحياة كلها، وأحوال الناس على اختلافها وتنوُّعها، فسيرةُ الرسول العظيم نورٌ للمستنير، وهديُه نبراسٌ للمستهدي، وإرشاده ملجأٌ لكل مسترشد.كما أن السيرة النبوية توضح للمسلم حياةَ الرسول صلى الله عليه وسلم بدقائقها وتفاصيلها منذ ولادته؛ وحتى موته، مروراً بطفولته، وشبابه، ودعوته، وجهاده، وصبره، وانتصاره على عدوِّه، وتظهر بوضوح: أنه كان زوجاً، وأباً، وقائداً، ومحارباً، وحاكماً، وسياسياً، ومربياً، وداعية، وزاهداً، وقاضياً، وعلى هذا فكل مسلم يجد بغيته فيها.
فنظراً إلى هذه الجامعية والشمول للسيرة النبوية كتب العلماء والمفكرون والأدباء والمفسرون والمحدثون والمؤرخون من المسلمين في كل عصر، كتباً في بيان جوانب متنوعة للأسوة المحمدية الدائمة الخالدة، ونشر خلقه العظيم، وسيرته العطرة، وأسوته المثالية بين الناس مراعين طبيعة عصورهم وبيئاتهم بأسلوب علمي وأدبي وتاريخي، لتحصل لهم سعادةُ الاتصال والحبّ للرسول صلى الله عليه وسلم، وتستمر هذه السلسلة المباركة إلى يومنا هذا.
وفي هذا العصر وهو عصر العلم والمعرفة، يستهدف الحاقدون وأصحاب الأقلام المغرضة والمأجورة وخاصة الغربيون السيرة النبوية وصاحبها ويتهمونه بتهم كاذبة،فنهض العلماء الغيارى من المسلمين ودحضوا الأباطيل والتهم الكاذبة، وفنّدوا الدعاوي الزائفة، وألفوا كتباً قيمة حول السيرة النبوية بأسلوب علمي معاصر بلغات مختلفة، وحسب البيئة والطبيعة المعاصرة، فتكونت منها مكتبة ضخمة ، تزيل الشكوك والشبهات المثارة، وتقنع العقول المعاصرة، وتؤثر على النفوس والأذهان. نذكر فيما يلي عدداً وجيهاً من الكتب المؤلفة حول السيرة النبوية قديماً وحديثاً ليسهل للقراء الاطلاع على ما ألِّف حول الموضوع:.
(محمد وثيق الندوي)