إن مع العسر يسرًا

رجل من أهل الجنة
17 يوليو, 2022
قصة اتهام الغلام مولاه
24 أغسطس, 2022

إن مع العسر يسرًا

محمد خالد الباندوي الندوي

أخي العزيز!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طالما سمعت – أيها الأخ – أناسا يتحدثون عن المصايب التى ابتليت بها الأمة، والمحن التى أحدقت بها من جوانبها، بل أحاطت بها إحاطة السوار بالمعصم، فهذا يتحدث عن التدهور السياسي للأمة، وذاك يتحدث عن تخلفها في من الناحية النظرية والصناعية، وآخر يؤكد على الارتقاء المادي والقوى الذهنية والعاطفية التى أساءت الأمة استخدامها، ويشرح لك أسباب الغلبة والانتصار التى فاز بها الأعداء، وأفلست فيها الأمة الإسلامية، وكل ذلك في أسلوب يملأ النفوس فزعا، ويقطع حبال آمالها عن الحياة ويجعلك فاقد الثقة مسلوب الإرادة مشتت البال، فتصبح بما تسمعه من الظروف الخطرة خائفا مذعورا وتمسي كأن هذه الليلة آخر ليلة من حياتك.

في مثل هذا العصر الذي حرمت فيه الإنسانية من الإيمان الصحيح، وأجدب العالم من رسل الرحمة واليقين، لابد من عودتنا إلى مبعث الرحمة ومنتهى الرجاء ومحط الآمال ألا وهو ” الإسلام”، إذ الاسلام هو الضمان الوحيد من عوارض الفناء، وجوالب الهزيمة، وهو الذي يبعث الأمل في الحياة، ويجمع ما تفرق من شمل عزيمتك، ويؤكد لك أن المصايب في الحق لا تبشر إلا بخير، وأن الليل الغاسق لا ينبئ إلا عن انبلاج الفجر الصادق، وقد بين لك القرآن “إن مع العسر يسرا”، فلا تجزع إذا وجدت الأعداء قد جمعوا لك، وأعدوا عدتهم عليك، فليس ذلك من دواعي الوجل والإشفاق في شيئ، وإنما الوجل الحقيقي كماصرح به الشيخ محمد الغزالي حيث قال:

“أنا -والحق يقال-_ لا أرهب من الأخطار المحدقة بالإسلام أن خصومه يملكون كذا وكذا من أسباب الموت وكذا وكذا من وسائل الغلب، انني لا اكترث بتلك القوى المعدة، ولا يمكن فيها من دمار، وإنما أوجب أشد الوجل وافزع أكبر الفزع، عندما أرى المسلمين يتحللون من عهودهم مع الله، وينسلخون من لباس التقوى، وينساقون -بغباوة- مع المهدم لقوانا الروحية، والمقطع لحبالنا الدينية.

إنني أحزن إذ أرى حفلا تسقى فيه الخمر، أو مجمعا تموت فيه الصلاة، أو شارعا يموج بالكاسات العاريات تتبعها الأبصار النهمة، أو ناديا يمتلئ بالاحاديث اللاغية والأفكار المحطة، أو قرية تعيش في أكفان الجاهلية وتقاليدها، أو مدينة تضطرب في نفايات الحضارة الغربية ومباذلها لا تعرف غيرها.بل هى الانتحار المؤكد، والضياع لرسالتنا وكياننا، والإياس من تأييد الله لنا وعونه معنا”. (من مقدمة كتابه “مع الله”)

فلابد من عودتنا إلى الإسلام من جديد، ولا بد من تطبيق رسالة الله على كياننا، والتجنب من كل ما يجلب غضب الله من نقض المواثيق، والانسلاخ من ربقة العبودية الإلهية وكفران النعمة ونكران الجميل.

×