الإسـلام دين الفطرة

المسلمون يمرون بمرحلة الامتحان
7 أغسطس, 2018
جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا
11 سبتمبر, 2018

الإسـلام دين الفطرة

التديُّن في طبيعة الإنسان، مهما اختلف نوعه وطبيعة العمل فيه، وذلك حسب البيئة والنشأة والثقافة،ولكن تصوُّر قوة قادرة يطابق طبيعة الإنسان،ويتجلى مظهر وجود هذه القوة القادرة في سائر مجالات الحياة من خلق الإنسان إلى نشأته ووصوله إلى الغاية، وكذلك وجد التصور الديني في كل شخص.

أما الثورة على الدين في أوربا الحديثة ونزعة الخروج على تعاليم الدين فقد كان بسبب موقف رجال الكنيسة، ثم قام الأدباء العلمانيون وخاصة الاشتراكيون بهذه النزعة، ولكن برغم ذلك بقيت النزعة الدينية في القلوب، وتدل على ذلك عودة الأجيال المعاصرة إلى الدين بعد سقوط النظام الاشتراكي، ويلاحظ ذلك في الدول التي خرجت من السيطرة الاشتراكية.

وقد بذل الأدباء الاشتراكيون في عصر غلب فيه النظام الاشتراكي جهدهم لنشر الثورة على الدين بالإساءة إلى العقيدة الدينية بالشعر والخطابة والرواية، لا تستثنى منها لغة أردو لغة المسلمين في الهند التي كان في أعلامها منذ نشأتها العلماء، وقد نشأت في أحضان الحركات الدينية.

وكذلك يلاحظ الاتجاه الديني في هذا العصر أكثر، وخاصة في المسلمين، وقد كان الدين والعمل بتعاليمه مقصوراً في الشيوخ، ولكن يتجلى اليوم في الشباب، ويلاحظ هذا الاتجاه رغم القيود التي فرضت على الشباب، في الدخول في المساجد والاهتمام بأداء الصلاة في مواعيدها، وانتشار الحلقات الدينية والدروس الدينية في بعض البلدان،ومنها البلدان التي أغلبية سكانها من غير المسلمين، وإن هذا الاتجاه يتزايد رغم معارضة الدين بتعبير التشدد الديني والتطرف والإرهاب.

ولا يخفى على من له معرفة بتعاليم الإسلام أن الإسلام دين الفطرة، وأنه دين يسر، وقد جاء في الحديث الشريف: “الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه” فإذا كان أحد متشدداً فإنه يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي السمحة.

وقد وجد في هذا العصر من بين بعض العاملين للدين رجال يوجد فيهم اليوم تشدد، وذلك بتأثير طبيعتهم، ليس بتأثير طبيعة الإسلام، وليست سببَه صلتُهم بالدين، وإن تعاليم الإسلام واضحة في كل مجال من مجالات الحياة؛ في المعاملات والسلوك والاقتصاد وكسب المال،والإنفاق، ففي كل مجال من مجالات الحياة يوجد توازن، وقد يكون سبب التشدد السلوك مع حاملي الدين وخاصة الإسلام، وإجراءات القمع للنزعة الدينية فيحدث بذلك ردّ فعل في بعض النفوس .

إن استخدام مصطلح التشدد الديني والتطرف شائع اليوم لكنه لا ينطبق على الإسلام والعمل الإسلامي، وإن قمع النزعة الدينية إجراء ضد طبيعة الإنسان .

ولكون الإسلام دين الفطرة ودين الوسطية والاعتدال يحمل الإسلام جاذبية، ولكون تعاليم الإسلام مطابقة لطبيعة الإنسان يسهل العمل بها بدون أي مشقة أو نقص في شئون الحياة، ويمكن أن يشاهد ذلك في سائر مجالات العمل بالدين من العقيدة والصلاة والزكاة والحج، والحج مثلاً توجد فيه فوائد كما يقول القرآن:

“لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ” [الحج:28-29].

“الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ” [البقرة:197].

فإن الحج جامع لسائر تعاليم الإسلام.

أما الحركة باسم مكافحة التشدد الديني حركة معادية لطبيعة الإسلام، وقد كان التشدد في عهد غلبة الكنيسة، ويدل على ذلك تاريخ القرون المظلمة والقرون الوسطى، والذين يتزعمون هذه الحركة هم في الواقع متأثرون بما فعلته الكنيسة في عهد غلبتها، كذلك حركة الإصلاح الديني الذي يدعو إليها بعض المتأثرين بالغرب وتجربته مع الدين، فالإسلام دين كامل شامل كما جاء في الآية القرآنية “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا” [المائدة:3].

إن الإقبال إلى الإسلام والعمل بتعاليمه يتنامى اليوم، ويدل على هذا الاتجاه الديني المتنامي الخبر الآتي.

نشرت مجلة ” الرابطة” في عددها الصادر في يوليو 2018م دراسة حديثة لمركز “بيو” للأبحاث كشفت أن الإسلام يعد الدين الرسمي الأكثر انتشارا في العالم مقارنة بالديانات الأخرى.

وذكر المركز الأمريكي في دراسة نشرها على موقعه الإلكتروني أن 27 دولة أغلبها في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تصنف الإسلام “دينا رسميا للبلاد”، فيما تصنف 13 دولة 9 فقط منها في أوروبا “المسيحية كدين رسمي”.

وأشار “بيو” إلى أن دراسته التي أجراها على نحو 199 دولة، أوضحت أن “إسرائيل وحدها هي التي تعترف باليهودية كدين رسمي”.

فيما يوجد 40 دولة تعلن عن “دين مفضل لها وليس رسمي”، أغلبها ترجح أحد فروع أو طوائف المسيحية”.

كما نوه المركز البحثي إلى أن أكثر من نصف دول العالم تقريبا (106 دول) بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، لا تدرج في مفاهيمها ما يسمى بالدين الرسمي للدولة.

ولفت “بيو” إلى وجود نحو 10 دول تتخذ موقف “عدائي من أي مؤسسات دينية”، على رأسها الصين، وكوريا الشمالية، وفيتنام.

وفي مارس/آذار الماضي، توقع باحثو “بيو” أن يكون الدين الإسلامي الأكثر انتشارا في العالم بحلول عام 2060، على خلفية زيادة عدد المسلمين بما يعادل 70 بالمائة، خلال السنوات الـ45 المقبلة.

ويبلغ عدد المسلمين في العام 1.8 مليار شخص، أي ما يمثل 24.1 % من إجمالي التعداد السكاني العالمي، وفق إحصائيات مركز “بيو” لعام 2015م “.

وكذلك نشرت «الشرق الأوسط» في عددها الصادر في 11/اغسطس 2018م تقريراً رسمياً سجل في المغرب تنامي ظاهرة التدين في صفوف الجيل الحالي من الشباب، مقارنة مع الجيل السابق، وانكفاء فئة منهم داخل دائرة التدين، رافضة الحداثة المستوحاة من الغرب، مع التحذير من تحوُّل هذا الانكفاء إلى «تطرف ديني لدى البعض».

وتفيد تقارير في بلدان أخرى لاتجاه الشباب الإسلام والعمل به، فتقتضي الحاجة إلى تربية هؤلاء المتجهين إلى الإسلام تربية تمثل تعاليم الإسلام الحقيقية.

محمد واضح رشيد الحسني الندوي

×