أمة العطاء والسعادة

غاية خلق الإنسان في هذا العالم!
26 نوفمبر, 2022
ولكن لا على حساب السلوك الإنساني!
12 يناير, 2023

أمة العطاء والسعادة

(سعيد الأعظمي الندوي)

كفى المسلمين فخرًا أن يكونوا أمة أخرجها الله سبحانه كخير أمة أخرجت للناس، واختيرت لهداية الإنسانية، وقيادة العالم البشري، وإنقاذ سفينة الحياة من أمواج الجاهلية العاتية التي كانت تتميز بالشقاء والعداء والحيد عن طريق الحق والعدل، وكان أعضاؤها يعيشون في الرذائل الخلقية وينغمسون فيها إلى الآذان، لم يكن لديهم وازع ديني ولا خلقي يحول دون ارتكاب السيئات ، وممارسة الفواحش ووأد البنات ، وقتل الأولاد خشية إملاق، ورغم أن الروم والفرس كانوا يتزعمون حضارات إنسانية ويفرضونها على سكان العالم كله، إلا أن جزيرة العرب كانت بمعزل عن اهتماماتهم، وكانوا مقتنعين بالأحوال المرذولة التي ارتضاها أهلها لأنفسهم، فتركوهم على شفا حفرة من النار. وجاء الإسلام وبعث رسول الله صلى الله عليه رحمة للعالمين ، فأخذ بيد الإنسانية كلها على الإطلاق بما فيها أهل الحضارات وغيرهم، فحدب عليهم وأخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن الوثنية الجارفة لجميع القيم الخلقية والمثل العليا إلى التوحيد الخالص، وربط مصير الإنسان بشريعة الله تعالى، ووصله بعتبة الرب تبارك وتعالى وعبادته التي إذا اختارها العبد أكرمه المعبود بالسعادة والفوز، وبالنجاة من عبودية الإنسان، وجور الأديان والركوع أمام الأوثان، ورفع مكانته إلى أعلى ما يتصور في الدنيا ، وأكبر ما يثاب به في الآخرة.

ولذلك كان رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم من المرسلين الذين ارتفع الإنسان بواسطته إلى مكانة القيادة العالمية وتمثيليه أروع نموذج للإنسانية، وقد كانت تعيش في الدرك الأسفل من الشقوة والذلة. ولولاه لما نال الإنسان هذا الشرف العظيم، ولم تهتد البشرية إلى الصراط المستقيم، ولقد أقسم الله بالقرآن الحكيم يشهد بأنه لمن المرسلين على صراط مستقيم، فكان سببًا للحياة الإنسانية من جديد ، وميلاد العالم عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، تَنزِيلَ العَزِيزِ الرَّحِيمِ) (يس الآية:2-5) كان قد أشرف على النهاية الأخيرة إلى ولادته من جديد : وَالقُرآنِ الْحَكيم ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ، سجل التاريخ الإنساني العالمي منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم نماذج عالية للفضائل الإنسانية التي تساعد الحياة على أداء وظيفتها ، وربطها بمصدر العقيدة والإيمان ، ولم يكن ذلك إلا واقعاً ملموسا شهدته فترات التاريخ المختلفة ومجتمعات البشر على مدار التاريخ الإنساني. ولكن زعماء الحضارات المادية اليوم يريدون أن يشوهوا وجه التاريخ الحضاري الذي كان عطاء الإسلام للإنسان في كل زمان ومكان بوجه خالد وطريق دائم واخترعوا لتحقيق هذا الغرض الخبيث صورا هزيلة وأساليب مشئومة للحياة، ومثلوها أمام الناس بأسماء مشرقة ولافتات جذابة، وأكدوا أن الحضارة الحديثة هي في الواقع حاجة الإنسان في العالم الحديث، ومن غير ذلك فإنه لا يكاد يساير العالم

الراقي المتطور، ويعيش في تخلف مشين يسم حياته بما يقلل قيمته ويحرمه من كل نعمة وهناء. إن أهل العقل والذكاء والبصيرة والفقه يعرفون ما لحضارة الإسلام من أهمية وقيمة في كل عصر

وجيل، وأنها هي سفينة النجاة في كل طوفان، وبابها مفتوح لكل من يريد أن يدخله : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ( الأنعام الآية:153).

×