كُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنَ الْخَيْرِ

وجه النفس كلها ووجوده أجمع إلى الله تعالى
9 نوفمبر, 2020
حب النبي صلى الله عليه وسلم
3 فبراير, 2021

كُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنَ الْخَيْرِ

عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، فَقَالَ: ” لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ الْخُطْبَةَ، لَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ، أَعْتِقِ النَّسَمَةَ، وَفُكَّ الرَّقَبَةَ “. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَلَيْسَتَا بِوَاحِدَةٍ؟ قَالَ: ” لَا، إِنَّ عِتْقَ النَّسَمَةِ أَنْ تَفَرَّدَ بِعِتْقِهَا، وَفَكَّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي عِتْقِهَا، وَالْمِنْحَةُ الْوَكُوفُ، وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الظَّالِمِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَأَطْعِمِ الْجَائِعَ، وَاسْقِ الظَّمْآنَ، وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنَ الْخَيْرِ.

تخريج الحديث: أخرجه أحمد في المسند برقم:18647والدارقطني في “السنن” 2/135 وعبد الله بن المبارك في “البر والصلة” (277)، والطيالسي (739) – ومن طريقه الطحاوي في “شرح مشكل الآثار” (2743)، والبيهقي في “السنن” 10/272-273- والبخاري في “الأدب المفرد” (69) والتخريج مأخوذ من التعليق على مسند أحمد

المنحة الوكوف أي: الناقة أو الشاة الحلوب الغزيرة اللبن التي تعطيها المحتاج لكى ينتفع بها ثم يردها عليك اذا استغنى عنها ومعنى الفيء على ذي الرحم الظالم العطف والشفقة عليه والإحسان إليه والعفو عنه والله أعلم.

شرح الحديث: ما أكثر ما كان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يسألونه عن الأعمال والخصال التي تكون سببا بإذن الله تعالى للفوز بالجنة والنجاة من النار، وهذا يدلنا على أنهم كانوا أحرص الناس على حقيقة الفلاح وأسرعهم إلى الخير وأصحاب صدق وواقع وأرباب همة وعزيمة وأنهم ما كانوا ليعرجوا على صغائر الأمور والتوافه و”من قصد البحر استقل السواقي” بالعكس مما عليه أهل هذا العصرالذين يشتغلون بالفضول عن اللباب وبالقشر عن اللب وبالشمع الكدر عن العسل المصفى ولذلك استحسن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هذا السؤال ومدحه ونوه به.

وأرشد نبي الله عليه الصلاة والسلام أن طريق الجنة وإن كان عسرا صعبا إلا أنه يسهل على من يسره الله تعالى عليه وصدق طلبه وخلص عزمه وسمت همته وهو أن يكون يكون مع أداء حقوق ربه عز وجل مؤديا حقوق خلقه ومحسنا إليهم بقدر طاقته ووسعه فيقوم بإعطاء المحرومين أو إطعام الجائعين وسد خلة المحتاجين والإحسان إلى من أساء إليه وصلة الأرحام وإن قطعت وأساءت والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإن لم يطق شيئا من ذلك فليكف لسانه ويمسك شره ويمنع أذاه. والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله.

عبد الرشيد الندوي

×