المرجعية الدينية في الأعمال الأدبية (رواية غصن أعوج للروائي القطري أحمد عبد الملك نموذجا) (1)

يا أمة الإسلام
20 أبريل, 2022
المرجعية الدينية في الأعمال الأدبية (رواية غصن أعوج للروائي القطري أحمد عبد الملك نموذجا) (2/الأخيرة)
21 أغسطس, 2022

المرجعية الدينية في الأعمال الأدبية (رواية غصن أعوج للروائي القطري أحمد عبد الملك نموذجا) (1)

كتبه: حسيب الرحمن الندوي

 باحث في قسم اللغة العربية وآدابها بالجامعة الملية الإسلامية، نيو دلهي

مقدمة البحث:

كل عمل أدبي يستند إلى مرجعية معينة، إما أن تكون هذه المرجعية دينية أو تاريخية، أو اجتماعية، أو واقعية، أو غيرها من المرجعيات التي يستمد منها العمل الأدبي مادته. وهي عامل أساسي في تشكيل توجهات الفرد ومعتقداته، وعليها يبني الكاتب ما يقوم به من عمل، أو ما يبديه من رأي، أو ما يتخذه من موقف. فهي بالتالي ” المصدر النهائي الذي ترد إليه الأمور وتنسب إليه، فهي بهذه المثابة تصبح نظاما كليا عاما، ومصدرًا ضروريا لتفسير كل شيء من خلال هذا النظام المرجعي الكلي”(1). ومن هنا يمكن أن نقدر ما لمعرفة المرجعية من أهمية في أي عمل أدبي على اختلاف أجناسه، بحيث إنها تساعد المتلقي والقارئ على تحليل الأعمال الأدبية. فلننظر ما هي المرجعية؟!

تعريف بالمرجعية:

إن كلمة المرجعية ليست كلمة قديمة، -بالرغم من كون أصلها من “ر ج ع”، ولذلك لا نراها عند القدماء من أهل اللغة، بل هي من الكلمات التي استحدثت في عصرنا هذا، و”هي مصدر صناعي من مرجع”(2). يرى علماء اللغة المعاصرون أنها ترجمة لكلمة إنجليزية (REFERENTE)(3). وبالتالي يفرقون بين دلالات كلمتي المرجع، والمرجعية. فيرى اللغويون والنقاد ” أن المرجعية (في سياق الدراسة الأدبية) تمثل الفكرة الجوهرية التي تشكل أساس كل الأفكار في نموذج معين، والركيزة النهائية الثابتة له التي لا يمكن أن تقوم رؤية العالم دونها” وهي بذلك تشكل عاملا أساسيا ورئيسيا في توجهات الفرد فتتجلى في ممارساته”(4). وتنعكس كذلك في كتاباته وأعماله الأدبية، أو كما جاء في بحث د/ حكيمة سبيعي وأ/هولي بو زياني خولة “المرجعية هي العالم الذي يحيل إليه ملفوظ لغوي، علامة منفردة كانت أم تعبيرًا مركبًا، ويكون ذلك العالم إما واقعيًا موجودًا حاضرًا، وإما متخيلا لا يطابق أي واقع خارج التعبير اللغوي، وهذا يستلزم بالضرورة من يدرك ذلك العالم أو يتمثله، ثم ينتج الدلالات التي يمكن أن يعبر عنها العالم المرجعي المعروض في التعبير”(5).

فالمرجعية كما سبق تتجلى في سياقات مختلفة ومتنوعة: منها ثقافية، وسياسية، واجتماعية، وتاريخية، ودينية، ولها سماتها ومميزاتها، وهي بالتالي تضفي بظلالها على الأعمال الأدبية إذا كانت مادتها مستمدة من إحدى هذه المرجعيات، فما هي المرجعية الدينية وكيف تتجلى في الأعمال الأدبية؟

المرجعية الدينية

المرجعية الدينية هي إحدى تجليات المرجعية الثقافية في الإنتاج الأدبي، وفي نقد ذلك الإنتاج. ومن الحقيقة الثابتة أن الدين يلعب دورًا فعالا في حياة الفرد، وسلوكياته وتوجهاته الفكرية، ويعطيه عمقًا فلسفيًا ومعرفيًا وثقافيًا لنظرته إلى العالم، ويجيب على كثير من التساؤلات التي تتردد في ذهنه حول الكون ووجوده؛ بل وحول ذاته وغاية خلقه، وبالتالي يشكل مصدرًا أساسيًا لفكره وإبداعه، ويترك تأثيرًا في كل ما يقدمه من عمل أدبي ورأي فكري، كما أنه يزوده بموضوعات غزيرة للإبداع والابتكار، من خلال مزجها بالخيال والعاطفة والأفكار. وتتجلى هذه المرجعية في الأعمال الأدبية متمثلة بالشخصيات الدينية مثل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم من الأئمة والفقهاء والخلفاء الذين تميزهم شخصيتهم الدينية عن الآخرين، وكذلك بالأحداث مثل الحروب والغزوات التي خاضوها في سبيل الله ونصرة المظلومين، والأماكن مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة وفلسطين، وهي الأماكن التي لها أهمية ومكانة دينية، وبالنصوص الدينية مثل آيات القرآن الكريم ونصوص الحديث النبوي الشريف على صاحبها الصلاة والسلام، وبالقصص المستوحاة من المصادر الدينية على اختلاف أنواعها، فيعمد الكاتب لاستخدام هذه المرجعيات في أعماله الإبداعية، ويستحضرها في بنائها، مع حذر شديد لما لهذه المرجعية من حساسية وقداسة وخصوصية.

وفيما يلي أتناول دراسة رواية “غصن أعوج” للكاتب القطري أحمد عبد الملك، لنرى هذه المرجعية الدينية وتجلياتها في أحداث هذه الرواية وحواراتها والجو الذي تخلقه هذه الرواية.

رواية غصن أعوج

رواية “غصن أعوج” إحدى روايات أحمد عبد الملك الروائي القطري الشهير، نشرت عام 2017م من بلاتينيوم بوك الكويت، حجمها 211 صفحة من القطع المتوسط، وتضم 19 فصلا غير معنون. تتخذ الرواية مرجعية تاريخية في سردها. يقول الدكتور أحمد عبد الملك في إحدى لقطات مقابلته ” إنها ومضة تاريخية بنيت عليها قصة عائلة مسلمة من سلالة المسلمين فيما بين وراء النهر للحديث عن العنصرية والطائفية التي تجتاح المجتمع”(6).

الهوامش:

  1. لغامدي، سعيد، المرجعية في المفهوم والمآالات، مركز صناعة الفكر للدراسات والأبحاث، بيروت، ط1، 2015، ص28
  2. مختار، أحمد، وآخرون، معجم اللغة العربية المعاصرة، مادة: )ر.ج.ع(، ج2، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2008، ص863
  3. مرتاض، عبدالملك، نظرية النص األدبي، دار هومة، الجزائر، ط2، 2010، ص374
  4. المسيري، عبدالوهاب، الفلسفة المادية وتفكيك اإلنسان، دار الفكر، دمشق، ط4، 2010، ص3
  5. د/ حكيمة سبيعي وأ/ هولي بوزياني خولة، المرجعيات الثقافية بين المفهوم والتوظيف في مجلة البحوث والدراسات المجلد 6، عام 2019_ جامعة الوادي الجزائر

باختصار من المقابلة بعنوان “كتاب مميزون، أحمد عبد الملك، حلقة 6، 30 يوليو عام 2018”

×