رحمته صلى الله عليه وسلم بالبنات:
كان الناس في الجاهلية لا يجدون حرجاً من وأد البنت في التراب وهي على قيد الحياة وقد شنع القرآن بهذه الجريمة الجاهلية فقال “وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ” [التكوير:8-9] وقد أخرج الدارمي في سننه باب ما كان عليه الناس قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم من ا لجهل والضلالة، عن سيرة بن معبد من بني الحارث بن أبي الحرام من لخم عن الوضين “أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا كنا أهل جاهلية وعبادة أوثان فكنا نقتل الأولاد وكانت عندي ابنة لي فلما أجابت وكانت مسرورة بدعائي إذا دعوتها فدعوتها يوماً فاتبعتني فمررت حتى أتيت بئراً من أهلي غير بعيد فأخذت بيدها فرديت بها في البئر وكان آخر عهدي بها أن تقول يا أبتاه يا أبتاه فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وكف دمع عينيه فقال له رجل من جلساء رسول الله صلى الله عليه وسلم أحزنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له كف فإنه يسأل عما أهمه ثم قال له أعد علي حديثك فأعاده فبكى حتى وكشف الدمع من عينيه على لحيته ثم قال له إن الله قد وضع عن الجاهلية ما عملوا فاستأنف عملك”(1).
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة بالبنات في أمره بالإحسان إليهن، وتعامله الرحيم معهن كما تدل عدد من الأحاديث الصحيحة:
تقبيله صلى الله عليه وسلم للأطفال:
بكاؤه صلى الله عليه وسلم على فراق الطفل:
ضمه صلى الله عليه وسلم للأطفال ووضعهم في حضنه الشريف:
أخرج البخاري في صحيحه عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ثم يضمهما ثم يقول اللهم ارحمهما فإني أرحمهما”(9) وأخرج البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها “أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع صبياً في حجره يحنكه فبال عليه فدعا بماء فأتبعه”(10).
تخفيفه صلى الله عليه وسلم الصلاة رحمة بالطفل:
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم “قال إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه”(11).
تطويله صلى الله عليه وسلم السجود في الصلاة رحمة بطفل علا ظهره الشريف:
أخرج النسائي في سننه عن عبد الله بن شداد عن أبيه قال “خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسناً أو حسيناً فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها قال أبي فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك قال كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته”(12).
الهوامش:
(1) سنن الدارمي ج1 / ص: 14.
(2) صحيح البخاري كتاب الأدب باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته رقم الحديث 5536.
(3) صحيح البخاري كتاب الأدب باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته رقم الحديث 5537.
(4) صحيح البخاري كتاب الأدب باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته رقم الحديث 5538.
(5) صحيح البخاري كتاب الأدب باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته رقم الحديث 5539.
(6) صحيح مسلم كتاب الفضائل باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالصبيان والعيال رقم الحديث 4279.
(7) قوله: (يعني ظئره) هي بكسر الظاء المعجمة بعدها همزة ساكنة وهي المرضعة ويقال أيضاً لزوج المرضعة ظئر، انظر شرح النووي على مسلم (ج1 / ص: 293).
(8) صحيح مسلم كتاب الفضائل باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالصبيان والعيال رقم الحديث 4280.
(9) صحيح البخاري كتاب الأدب باب وضع الصبي على الفخذ رقم الحديث 5544.
(10) صحيح البخاري كتاب الأدب باب وضع الصبي في الحجر رقم الحديث 5543.
(11) صحيح البخاري باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي رقم الحديث 666.
(12) سنن النسائي كتاب التطبيق باب هل يجوز أن تكون سجدة أطول من سجدة رقم الحديث 1129.
الدكتور محمد بسام الزين