الشيخ عبد الرحمن النغرامي الندوي: حياة قصيرة وأعمال كبيرة

Test
29 سبتمبر, 2021
الشيخ محمد عمران خان الندوي الأزهري
23 ديسمبر, 2021

الشيخ عبد الرحمن النغرامي الندوي: حياة قصيرة وأعمال كبيرة

مبين أحمد الأعظمي الندوي

عبد الرحمن النغرامي الندوي: رجل صالح، وعالم متقن، وخطيب مصلح، وعاكف على دراسة القرآن الكريم والتدبر فيه. كان من خريجي ندوة العلماء الأوائل. عاش حياة قصيرة حافلة، قضاها في خدمة الإسلام.

مولده ومنشأه ودراسته:

ولد عام 1899م في قرية نغرام بمديرية لكناؤ في أسرة كريمة، ونشأ نشأة صالحة، والتحق بدارالعلوم لندوة العلماء بعد التعليم الابتدائي وتخرج فيها. وكان ذكياً فطناً، متشوقاً إلى العلم، وطامحاً إلى الكمال. يقول الشيخ عبدالماجد الدرياآبادي رحمه الله: رأيته وهو غلام مراهق يلقي خطبة رنانة في اجتماع عام في “قصر باره دري” في لكناؤ، فأعجبت به إعجابا شديدا. ويقول: وظننت أن أحداً من أساتذته كتب له الخطبة فحفظها وألقاها. ولكن كلما ازددت معرفةً به وقامت بيني وبينه صلة الود والصداقة، ذهب ذاك الظن وانكشفت لي مواهبه.

تدريسه في مدرسة الإصلاح بأعظم غره ودارالعلوم بكولكاتا:

بعد تخرجه في دارالعلوم لندوة العلماء شغل منصب التدريس في مدرسة الإصلاح بأعظم غره في الفترة ما بين 1918م إلى 1920م. وفي هذه الأثناء، لازم الشيخ حميد الدين الفراهي واستفاد منه بشكل خاص. عام 1920م ذهب إلى كولكاتا تلبيةً لدعوة الشيخ أبي الكلام آزاد. وتولى هناك وظيفة رئيس المدرسين في دارالعلوم الإسلامية. في عام 1921م أصدر الشيخ أبو الكلام آزاد جريدة “بيام” أي الرسالة وتولى إدارتها الكاتب عبدالرزاق المليح آبادي فزاملهما النغرامي في أعمال الجريدة وبدأ يكتب فيها حول قضايا سياسية واجتماعية في عصره، فلما أوقفت الحكومة الإنكليزية الجريدة ووضعت أباالكلام آزاد في السجن وضعت النغرامي أيضاً فيه، فعانى من شدائد محتسباً على الله، لا يشكو حاله ولا يقطب جبينه.

تدريسه في دارالعلوم لندوة العلماء:

أطلق سراحه عام 1922م فرجع إلى دارالعلوم لندوة العلماء وشغل وظيفة التدريس فيها. ممن تلمذ عليه فيها: السيد رياست علي الندوي، والشيخ محمد حنيف الندوي، والشيخ عبدالسلام القدوائي الندوي، والشاه معين الدين الندوي وغيرهم. كما كان درس عليه الأستاذ أمين أحسن الإصلاحي، والشيخ أختر أحسن الإصلاحي، والشيخ داؤد أكبر الإصلاحي وغيرهم أثناء تدريسه في مدرسة الإصلاح.

ومما يميزه عن أقرانه أنه كان يربي كثيراً من الطلبة الأيتام والمحتاجين ويُعنى بتعليمهم كأنهم أولاده من الصلب. وإضافة إلى ذلك، كان يساهم في كل حركة اجتماعية وسياسية تصب في صالح الأمة الإسلامية وتعطيها الحق والحرية. وكان يعرف كيف يستغل مواهبه في سبيل الحق، عقدت ندوة العلماء اجتماعا في لكناؤ في فبراير عام 1925م واجتماعا آخر في أنباله في نوفمبر من نفس السنة فخطب فيهما النغرامي خطبة كسبت إعجاب الحضور. وقبل شهر من ذلك كانت انعقدت حفلة في لكناؤ في أكتوبر عام 1925م في نادي “رفاه عام” خطب فيها الشيخ توفيق شريف فترجم النغرامي خطبته مرتجلاً للحضور باللغة الأردية وألقاها إلقاءا كأنما خطبته بالذات، فعجب الحضور واندهشوا من سرعة خاطره وسلاسة لسانه وقدرته على الترجمة.

أعماله:

هذب الكتاب “حق بركاش” للشيخ ثناء الله الأمرتسري ونقله إلى اللغة العربية باسم “نورالحق”. وأعد مجموعةً للأحاديث النبوية وسماها “لآلي الحكم”. وكتب مقالا بسيطا حول حقوق المرأة وأهميتها في الإسلام. وقد تم نشر مقالاته السياسية مجموعاً في كتاب تحت عنوان” درس آزادي” أي دروس الحرية. ومن مقالاته الشهيرة “محمد”. وهي ملحقة بتفسير القرآن الكريم لعبدالماجد الدريابادي في الأردية. ومن كتبه: “عدمِ تشدد كي فتح” أي فتح عدم العنف، و”ذكرِ مبارك” على السيرة النبوية، و”عقائدِ اسلام” للناشئين. كلها في اللغة الأردية.

وفاته:

كان يعاني من سوفان المفاصل. ثم أصيب بورم سرطاني أجريت عليه عملية جراحية، لكنها لم تنجح. وهكذا لم يزل مصاباً بعدة أمراض في أوائل 1926م، وأدت إلى وفاته في 6/ من مارس 1926م المصادف 20/ من شعبان 1344هـ عن عمر يناهز الثمانية والعشرين. قال ابن نباتة:

نعلل بالدواء إذا مرضنا

فهل يشفي من الموت الدواء

ونختار الطبيب فهل طبيب

يؤخر ما يقدمه القضاء

وما أنفاسنا إلا حساب

وما حركاتنا إلا فناء

×