المحن تختبر المعدن

كن كالبدر مستمرًا في الضياء
11 نوفمبر, 2021
حاسب عملك الدراسي
9 يناير, 2022

المحن تختبر المعدن

محمد خالد الباندوي الندوي

أخي العزيز!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن العظماء – أيها الأخ حرسك الله من كل مكروه – ما زالت تمتحن عظتمهم بأنواع المصايب، وتختبر بضروب الآلام لكي يكون العظيم قد حلب أشطر الدهر، وخبر أساليب الحياة، وعجم عيدان الأمور، ويكون أقدر احتمالا على مهمات الأمور وعظيماتها لأن المحن تشحذ الهمة، والشدائد تقوي العزيمة، وزوابع المخالفة تصوب سهام الحزم، وتسدد خطى التقدم والازدهار، فلا تقلق إذا تكشرت الأيام عن أنيابها، ولا تجزع إذا رأيت الفتن كاسفة وجوهها،بل دع الناس يلفقون عنك الأقاويل، ويزورون عليك الأحاديث، أقم نفسك ثابتة على المبادئ السامية، صامدة على الثوابت المستقيمة، واتخذ سبيلك لنفع الإنسانية، وتحرك وفق ما تؤمن به من المواقف، وما تعمل به من مكارم الأخلاق وجميل الصفات، كن كالذهب الذي معدنه أصيل، لايطرأ عليه الصدأ، ولا يعلوه البلى، إذ أصحاب المعادن الأصلية شعارهم التمسك بالمواقف فلا يتحولون عن مواقفهم لمصلحة من المصالح الكثيرة، ولا يتنازلون عن مبادئهم لاستمالة القلوب العاصية،واسترضاء النفوس المريضة. فعند الشدائد تعرف الرجال، ومعادنهم تبلى عند الملمات.

ونحن نضرب لك المثال بالرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم للثبات على المبادئ والأخلاقيات،و الصمود على القناعات والثوابت أمام موجات الجهل بل التجاهل في كثير الأحيان، ظل واقفا مع الحق لا يتغير، ماضيا في موقفه لا يتحول، غير راض بأن يرخص بأخلاقه،وأن يبدل بفضائله منها بالمساوئ، بقي صامدا صمود الجبال الشم أمام كل إغراء وترغيب، وتصلب تصلب الجاد الحزم أمام كل تهديد وترهيب، واتخذ أسلوب رفض التنازل عن موقفه الثابت، ورفض أسلوب المساومة على حساب معقتداته الجازمة، حتى أظلمت أمام المشركين السبل لصموده في وجه كل التحديات، وخاب مسعاهم لرفضه كل المغريات وصلابته في مرحلة من المراحل الدعوية حتى تحقق له النجاح وحسم الله تعالى مفاوضة المشركين المضحكة بإعلانه على لسان رسوله “قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون”.

فالصمود على المواقف – أيها الأخ – ضمان النجاح في الحياة، ولا يتحقق الصمود إلا باليقين الثابت في قرارة النفوس، فزد نفسك إيمانا بالمبادئ وثقة بصدق المواقف ثم استقم عليها استقامة أولي العزم من الرجال فإنك إذا صبرت على الأشق قليلا تمتعت بالأرفه الألذ طويلا، ورأيت التحديات الجسيمة ضئيلة حقيرة، والمغريات الشهية مرذولة تافهة، ورأيتها تنكشف عن سبيلك كما تنكشف السحب المدلهمة، وينجلي لك من خلالها وجه الانتصار والظفر كالقمر ليلة البدر.

×