شهر رمضان مضمار للتسابق في الخيرات والحسنات

يا صاحب الهم إن الهم منفرج
7 أبريل, 2022
المخطط الخطير ومسئوليتنا نحوه
18 يونيو, 2022

شهر رمضان مضمار للتسابق في الخيرات والحسنات

جعفر مسعود الحسني الندوي

نبدأ حديثنا اليوم بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن شهر رمضان المبارك، وقد أظلنا بظله، وغشينا برحمته، فاستقبلناه، ورحبنا به، وفرحنا بمقدمه، وهنأ بعضنا بعضًا بحلوله، كم من أناس صاموا معنا أعوامًا؛ لكنهم في قبورهم الآن ينتظرون البعث والنشور، وقد حرموا من القيام بأعمال ينالون بها رضى الله عزوجل، ويتقربون بها إليه، ويستحقون بها الأجر والمثوبة، فلا ننسى أن إدراكنا لهذا الشهر المبارك هو نعمة إلهية ومنحة ربانية، تتمنى لها القلوب، وتحن إليها الأفئدة، وتتساقط لها الدمعات، وتنسكب لها العبرات، وكيف لا، فقد استبشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقدومه قائلا ” أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم،وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم” (سنن النسائي)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : قال الله عزوجل: “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ (لَخُلُفُ فَمِ-لَخُلُوفُ فِي) الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ”(صحيح البخاري)

إن هذا الشهر مضمار للتسابق في الخيرات، والتنافس في الحسنات، والتسارع إلى القيام بأعمال تجلب الرحمة، وتسبب للمغفرة، وتؤدي إلى العتق من النار، والفوز بالجنة ونعيمها، فمن سبق فاز، ومن تخلف خاب.

قال أحد العلماء، “ما هي إلا أيام معدودات تصام تباعًا، وتنقضي سراعًا،فتسير العمل الصالح، وسهولة القيام به، وبعد النفس عن المعصية، واستجابة الدعاء والإعتاق من النار فرص معروضة لمن سارع إلى العمل الصالح”.

إن هذا الشهر شهر يشحن بطارية الإيمان، يقول أحد الدعاة إن بين أيدينا أداة يستعملها معظمنا، هذا الهاتف المحمول، لا بد من شحنه من حين إلى آخر، وإن لم يشحن أصبح قطعة من البلاستيك، لا معنى لها إطلاقًا، كذلك الإنسان يحتاج إلى شحن، يشحن كل يوم خمس مرات بالصلاة، ويشحن كل أسبوع بصلاة الجمعة وخطبتها، ويشحن كل سنة بصوم رمضان، فشهر رمضان عنده شحن سنوي.

إن هذا الشهر شهر العناية بالقلوب، والحرص على إصلاحها وتلميعها بالحسنات والأعمال الصالحة والإكثار من الصلاة والتلاوة والإستغفار، لأن القلوب هي محط أنظار الله عزوجل، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأشار بأصابعه إلى صدره” (صحيح مسلم)

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ” ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب”(صحيح البخاري)

وصلاح القلب لا يمكن إلا بالإبتعاد عن الشرك مع الله، والابتعاد عن الشبهات، والابتعاد عن الشهوات، والحسد والحقد والكبر والشعور بالاستعلاء، والكراهية للآخرين.

فهذا الشهر الذي فضله الله على سائر الشهور، هو فرصة عظيمة لإصلاح القلوب، فلا بدَّ لنا أن ننتهز هذا الشهر المبارك.

×