مهمة الإعلام الاجتماعي

أين ألوهية كاذبة من قدرة الله العزيز العليم
18 ديسمبر, 2018
إنا لفراقك لمحزونون يا أبا جعفر!
9 فبراير, 2019

مهمة الإعلام الاجتماعي

نظرة واحدة على وسائل الإعلام الاجتماعي تؤكد للجميع أن مهمتها تتلخص في نقل الأخبار والمعلومات الصحيحة ونشرها بين المجتمعات الإنسانية من خلال وسائل الإعلام التي تعتمد على تحري الصدق والواقعية في المعلومات وفي الأحداث والشؤون الاجتماعية، وهي التي يكون لها دور بنَّاء في تطهير الحياة الاجتماعية من عناصر الكراهية والظلم والتمييز العنصري، ومن المبالغات في نشر الوقائع والأحداث التي تجرُّ الفرد أو الجماعة إلى اقتراف عمل غير طبيعي، أو بذر بذور العناد والفساد في المجتمع الذي يعيش فيه الناس، سواء كان ذلك المجتمع ذا صلة بالجماهير، أو كان نطاقه محدوداً بين عائلات وأفراد.

لعل ذلك هو المقصود الذي توخي من خلال هذه الوسائل للإعلام الاجتماعي، وقد استمرت على تحقيق هذا الغرض النزيه بادئ ذي بدء، واستفاد الناس منها إشارات في بناء الاجتماع السعيد، ونشر الهدوء والطمأنينة في قلوب العامة والخاصة، إلا أن الأيدي الاستغلالية قد تدخلت في هذه العملية النزيهة المخلصة، وعكرت صفوها بأن جعلتها ذريعة لأغراض رخيصة وتجارة كاسدة، وحولتها إلى وسيلة ترفيهية، وإشباع نفسيات وطبائع مريضة، ولُعبة هزيلة، بالعكس مما كانت عليه من الجد والصرامة والبناء والإصلاح، ومما كانت عليه سابقاً من الصدق والواقعية، فأصبحت اليوم مزيجاً من دوافع الفساد، وإثارة الفتن والنزاعات فيما بين العلاقات الإنسانية والاجتماعية والعائلية والقبلية كذلك.

ذاك أن المغرضين ممن يستغلون الحياة الإنسانية ويتاجرون بها من خلال نشاطاتهم الرخيصة السرية في معظم الأحوال، ولايبالون بما إذا تمَّ ذلك بالعبث بأعراض الناس وأموالهم، ومن ثَمَّ فقد وزعوا الإعلام بين أسماء ومصطلحات متعددة لمجرد انتهازية الفرص السانحة وكسب فوائد مادية غير إنسانية، حتى أصبحت حياة الإنسان الفردية والاجتماعية كلتاهما في خطر من كشف العورات وإفشاء الأسرار الذاتية بين العائلات والعلاقات الخاصة بين الأزواج والأصهار.

هذا على مستوى العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والمجتمعات، أما ما يحدث اليوم على المستويات السياسية والدولية، فإنه أشد نكاية وأعظم خطراً من حرب عالمية ثالثة تحدث بين الشرق والغرب بواسطة الأسلحة الكيمياوية والذرية، وقد يقال إن هذه الحرب العالمية واقعة بين دول العالم اليوم من خلال وسائل الإعلام السرية، وزخم التبادلات الاتهامية وفساد العلاقات بين الدول المادية وعملائها المأجورين والوسطاء المتطوعين ممن لا يستغنون عن بناء مستقبل لماع لأنفهسم كلما واتتهم الظروف واتسع لهم المجال للاستيلاء على مناصب رئيسية والتبوُّء على كراسي الحكم.

هذه الحرب العالمية من خلال الوسائل الإعلامية السرية يعيشها العالم البشري المادي بوجه خاص، وقد تتبين آثارها أحياناً بدون عمد من ثنايا الأنباء والأخبار التي تنال غفلة الناشرين ويطلع عليها المعنيون بما يجري في ساحة الحرب الإعلامية بين الدول الكبرى ودول العالم الثالث التابعة لقادة هذه الحرب السرية، وما ذلك إلا إشباع الشهوة التغلبية على مقادير الكائن البشري وقيادة التيارات السياسية والاقتصادية والصناعية والتقنية على المستوى العالمي، ولم يعد ذلك سراً، إنما يطلع عليه المتابعون لمجريات الأمور ومسارات الأمم والشعوب في العالم المادي الحديث، يشهد على كل ذلك ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.

(سعيد الأعظمي الندوي)

×