لقاءات ومشاهدات في رحلة علمية للدول العربية (2)

لقاءات ومشاهدات في رحلة علمية للدول العربية (1)
30 أبريل, 2019
لقاءات ومشاهدات في رحلة علمية للدول العربية (3)
3 يونيو, 2019

لقاءات ومشاهدات في رحلة علمية للدول العربية (2)

ذهبنا إلى منزل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رئيس إدارات الإفتاء والبحوث العلمية والدعوة والإرشاد، ووجدناه في المجلس العام حيث رحَّب بنا وطلبنا منه موعداً للقاء فتكرَّم بذلك ودعانا على الغداء، ثم زرناه يوماً آخر في مكتبه بإدارات الإفتاء والبحوث والدعوة والإرشاد وتكلمنا معه حول بعض شؤون الدعوة، وما نشر في مجلة “الدعوة” الصادرة بإشرافه من الرياض من مواضيع تتناول بعض الجماعات الدينية والشخصيات الإسلامية بنقد لاذع، وكان سماحته لا يعرف ذلك فوعد بتحقيق الموضوع واستدراكه بما يجب.

وبشرنا بعض الإخوة الكرام بوجود فضيلة الشيخ عبد الله الفنتوخ مدير عام الدعوة الإسلامية بإدارات الإفتاء والبحوث العلمية والدعوة والإرشاد، فزرناه في مكتبه وكان عائداً من مؤتمر جماعة الدعوة والتبليغ الذي أقيم في دكا في بنغلاديش فرحّب بنا أحرَّ ترحيب، وتحدث إلينا بما قد شاهده في المؤتمر من جو ديني خالص، وكانت انطباعاته عن المؤتمر والمنهج الذي تختاره جماعة التبليغ لعمل الدعوة سارة جداً، ودعانا على الغداء في اليوم التالي في منزله حيث لقينا فضيلة الشيخ عبد الله المصلح عميد كلية اللغة العربية في أبها، وكان لقاءاً علمياً وأخوياً، أتاح لنا فرصة سعيدة لقضاء وقت طيِّب معهم.

وفي صباح ذات يوم أتيحت لنا فرصة الاتصال بسمو الأمير مساعد بن عبد الرحمن آل سعود وزير المالية سابقاً، وكان سموه قد زار ندوة العلماء نيابة عن المغفور له جلالة الملك سعود بن عبد العزيز عند ما قام بزيارة الهند رسمياً في عام 1955م، فذكرنا له تلك المناسبة السارة السعيدة التي شرَّف فيها ندوة العلماء بزيارته وإلقاء كلمة قيمة في الحفل الذي أقامته الندوة ترحيباً بسموه، فتذاكر معنا حول ندوة العلماء وسماحة الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي، وأبدى إعجابه به وصلته معه، وقدمنا إلى سموه بعض مؤلفات سماحته فقبلها بتقدير وشكر، ودعانا على العشاء في اليوم التالي فوصلنا إلى منزله الذي يسكن فيه بعد صلاة المغرب وكان في مجلسه، فاستقبلنا وتحدث إلينا حول مواضيع علمية وأدبية ودينية مختلفة، الأمر الذي يدل على سعة اطلاعه ومعلوماته، وعلاقته بأحدث وآخر ما يدور في العالم من أفكار وآراء واتجاهات، وانتهى المجلس فانتقلنا إلى صالة الطعام، وتعشينا معه في جو مزيج بالأنس والسمو والكرم، وبعد ما صلينا معه صلاة العشاء بعد العشاء المبكر في مسجده ودّعنا على بركة ا لله.

وتوجهنا صباح يوم من الأيام إلى مقر الندوة العالمية للشباب الإسلامي لزيارة الدكتور عبد الحميد  أحمد أبو سليمان الأمين العام، والدكتور أحمد الحاج محمد توتونجي الأمين العام المساعد، وقد رحب بنا الدكتور توتونجي وتحدث معنا حول رحلته الأخيرة التي قام بها مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ إمام الحرم المكي الشريف لست عشرة دولة في فبراير الماضي، وكانت الهند ضمن رحلته فزارنا في لكهنؤ وسعدت ندوة العلماء بالقيام بواجب الضيافة خلال إقامتهم في لكهنؤ، ورجونا من الدكتور توتونجي أن يرافقنا إلى مقر سماحة الشيخ عبد العزيز لكي نحظى بلقائه، وفعلاً أجاب الدكتور طلبنا برحابة صدر وذهبنا برفقته إلى منزل سماحة الإمام المؤقر فتلقانا بالترحاب وتناولنا بالإكرام وسألنا عن صحة سماحة أستاذنا الكبير الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي وحاله، فأخبرناه بذلك وأبلغنا إليه تحيات سماحته التي حملناها إليه بوجه خاص، وعادت ذكريات 3 فبراير يوم زار لكهنؤ وندوة العلماء وصلى بنا الجمعة في مسجد ندوة العلماء مع حشد ضخم من المسلمين يقدر عددهم نحو نصف مليون مسلم، وقال: إنه لم يصادف مثل ذلك الحشد العظيم من المسلمين في أي بلد خلال رحلته الطويلة، وقد أبدى إعجابه وسروره بما قد رأى في مسلمي هذا البلد من حب عميق وكبير للحرمين  الشريفين، وقد أهدينا له بعض الرسائل والكتب لسماحة الشيخ الندوي فقبلها مشكوراً، واستأذناه بعد ما صلينا المغرب معه.

ولا أنسى لقاء الشيخ محمد صالح العميل مدير التعليم المتوسط بوزارة المعارف سابقاً الذي حضر المهرجان التعليمي في عام 1975م – 1395هـ في الوفد الذي مثل وزارة المعارف السعودية، وقد انتقل من وظيفته إلى وكيل المالية بوزارة المالية السعودية، وقد زرناه في مكتبه أولاً، وفي منزله ثانياً على الغداء الذي نظمه ترحيباً بنا وتقديراً لزيارتنا الرياض، وقد سبقت له جهود مشكورة في سبيل دعم مشاريع ندوة العلماء التعليمية، وهو معجب بندوة العلماء وبرامجها التعليمية والتربوية والدعوية، ولا يالو جهداً في الإشادة بخدماتها وتعريفها إلى الناس.

ولا يسعني في الأخير أن أتناسى ما قدمه من تسهيلات في اللقاءات والزيارات أخونا الكريم فضيلة عبد الله الحبيشي، وما قام به من احتفاء وترحيب بنا هو وسعادة الشيخ الأستاذ عبد العزيز المسند اللذين قاما بتوسعة نطاق اللقاءات مع الشخصيات اللامعة والبارزة، وبذلا جزءاً كبيراً من أوقات عملهما الثمينة من أجل ندوة العلماء في الهند، وبفضلهما فقط تمكنا من معظم هذه الزيارات وزيارة بعض الشخصيات الاجتماعية والدينية مثل فضيلة الشيخ سعيد السيد، وفضيلة الشيخ صالح عبد العزيز الراجحي، وفضيلة الشيخ فهد العويضة، وفضيلة الأخ الكريم ابن الرومي، وأمثالهم الذين أحاطونا بالعطف والإكرام ورحبوا بنا غاية الترحيب.

فلجميع هؤلاء الأفاضل الكرام شكرنا وتقديرنا.

في أول مايو (أيار) 1978م الموافق 21 جمادى الأ,لى 1398هـ تقرر السفر إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي الشريف وقبر الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم فاتجهنا عصر اليوم بالطائرة السعودية التي مرت في طريقها على القصيم وهبط بنا لبرهة من الوقت في مطارها الصغير الذي لا يزال في دور البناء والإنشاء وتحيط به الصحراء المترامية الأطراف من كل جانب، وقد تمتعنا برؤية المنظر وتذكرنا ما كنا نقرؤه في الكتب ودواوين الشعر العربي من ذكر نجد وآثارها وعرارها وأقطارها وقصص الحب والبطولات والمغامرات التي شهدتها أرض نجد، ومر علينا كل ذلك كالحلم، واستأنفت الطائرة سيرها إلى المدينة الحبيبة التي حنت إليها القلوب وتطلعت إليها العيون، وما هي إلا أقل من ساعة حتى هبطنا في مطار المدينة المنورة، واستقبلنا هناك إخواننا الطلاب المبعوثون من ندوة العلماء إلى الجامعة الإسلامية للدراسة في كلياتها المختلفة وقد تقدم عليهم فضيلة الدكتور محمود ميرا وفضيلة الشيخ عبد الرحيم اللذين استقبلانا في المطار وأخبرانا بأن الجامعة الإسلامية هيأت لنا الإقامة في فندق التيسير، باعتبارنا ضيوف الجامعة، وركبنا سيارة الدكتور ميرا التي وصلت بنا إلى الفندق بعد صلاة المغرب.

ولما اطمأنت بنا الإقامة وزال عنا عناء السفر اتجهنا إلى المسجد الشريف ودخلنا من باب جبريل أقرب الأبواب إلى الروضة وصلينا ركعتي التحية وتقدمنا بشعور مزيج من الخوف والندامة إلى المواجهة الشريفة حيث سلمنا وصلينا على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وشكرنا الله تعالى على ما أكرمنا به من الزيارة الكريمة.

خرجنا من المسجد النبوي الشريف وقصدنا مدرسة العلوم الشرعية حيث يقيم صاحب السماحة محدث الهند الكبير العلامة محمد زكريا الكاندهلوي الذي زرناه في غرفته فرحَّب بنا وأقبل علينا بلفتة أبوية كريمة، وقد كان سرورنا بالغاً حينما وجدناه في أحسن حال وأطيب صحة، وسألنا عن مدة إقامتنا، فلما أخبرناه بثلاثة أيام استقلَّ ذلك، وقال: يجب أن تمددوا المدة، ولكن رجوناه أن يدعو لنا بالعودة إلى المدينة المنورة في فرصة أقرب ولمدة أطول، فدعا لنا بذلك، ورجعنا إلى الفندق بعد ما تعشينا في مجلسه مع جماعة من الضيوف والمحبين له.

زرنا الجامعة الإسلامية صباح اليوم الثاني برفقة بعض الطلاب الأعزة واجتمعنا هناك بفضيلة الشيخ عمر محمد فلاته الأمين العام للجامعة الذي رحَّب بنا أحرّ ترحيب وتمنى لنا إقامة طيبة في رحاب المدينة المنورة، وأخبرنا بأن فضيلة الشيخ عبد المحسن بن عباد يزور الهند في هذه الأيام، وقد زار ندوة العلماء خلال زيارته للهند وقابل هناك سماحة العلامة الشيخ أبي الحسن الندوي، وتوقع أنه قد يرجع غداً أو بعد غد، وخرجنا من عنده فزرنا فضيلة الشيخ محمد الوائلي عميد كلية الشريعة الذي كان قد سبقت زيارته لندوة العلماء ضمن جولته التي قام بها مع وفد من طلاب الجامعة للهند قبل ذلك بشهرين، فتحدث إلينا عن انطباعات جولته وسيما عما شاهد في ندوة العلماء من نشاط تعليمي وتربوي، وكان كثير الاهتمام بها وسألناه عما إذا كان قد قدم تقريراً عن جولته هذه إلى رئاسة الجامعة، فقال: نعم: إنني قد كتبت تقريراً مفصلاً عن هذه الجولة وخصصت لندوة العلماء صفحات عديدة أشدت فيها بجهودها وأعمالها التي تقوم بها، وفعلاً قدم لناذلك التقرير وقرأنا ما جاء فيه من انطباعات طيبة عن دار العلوم لندوة العلماء ونشاطها التعليمي والتربوي.

(سعيد الأعظمي الندوي)

×