المخرج الوحيد من الأزمات والمشاكل

الصراع النفسي والقلق الفكري في الشباب
29 سبتمبر, 2021
اليوم العالمي لحقوق الإنسان
23 ديسمبر, 2021

المخرج الوحيد من الأزمات والمشاكل

محمد وثيق الندوي (مدير التحرير)

إن الظروف التي يعيشها المسلمون اليوم، تهدِّد بكيان الأمة في العالم غربه وشرقه، شماله وجنوبه،فالمسلمون في مكان يُوصفون بالعنف والإرهاب، وفي مكان يُتَّهمون بالتطرف والأصولية، وفي مكان يُوسَمون بالتخلف والتدهور، وفي مكان يُفرض الحظر على نشاطاتهم الدينية والإسلامية، وفي مكان يُهْجمُ على مقدساتهم ومساجدهم ومدارسهم، وفي مكان يواجهون الاستعمار والاستعباد، وفي مكان يعانون الفقر والبطالة، وفي مكان يتعرضون للغارات والهجمات الجوية والأرضية، وفي مكان تقمع الحريات، وتبخس الحقوق، وتكمم الأفواه، وتجري محاولات للقضاء على الشخصية الإسلامية، وتجري الاعتقالات، وتُهَجَّر العقول الناضجة، ويُطارد أصحاب الغيرة الدينية، ويُطرد أهل الكفاءات العلمية والفنية من المسلمين.

وقد عاد الاستعمار وأناخ بكلكله على العالم الإسلامي أجمع تقريباً،يحدوه طمع الأقوياء بالضعفاء، ويذكيه الحقد المترسب في أوربا من عهد الحروب الصليبية، وإن هذا الطمع الاستعماري الجشع الذي تكالب على العالم الإسلامي، نتيجة للصراعات القائمة فيه، مصداق للحديث النبوي: ” يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها “.

فبسبب الاستعمار وغفلة المسلمين وصراعاتهم ونزاعاتهم الداخلية، تحلُّ الأزمات والمآسي بالمجتمعات الإسلامية وأهلها، ويتفاقم التخلف، وتتوالى الأحداث والفجائع، والمسلمون في هذه الأوضاع القاسية مضطربون وقلقون، تتفرق بهم السبل،وتتوزعهم الطوائف، ولا يهتدون إلى ما يقومون به للخروج من الأزمات والمشاكل المعاصرة، فماذا يفعلون؟!

فلا حاجة بنا أن نيأس،ويصيبنا الخور والإحباط، بل نجد في سيرة الرسول العظيم محمد بن عبد الله الأمين صلى الله عليه وسلم، ما يفرج الكرب، ويجلي  الغمرات، ويربط على القلوب المضطربة، ويسكن النفوس الحائرة، ويشحذ الهمم الخائرة، والعزائم الفاترة، ويهدينا إلى الخروج من المآزق التي وقعنا فيها بسبب الانحراف عن الأسوة الحسنة المتمثلة في السيرة النبوية الطيبة الطاهرة الزكية النقية الصافية.

 فإن السيرة النبوية تهدينا كيف نتعامل مع غير المسلمين في حالة الحرب، وحالة السلم، ودار الحرب، ودار الإسلام، ونقربهم إلى دعوة الإسلام، ونزيل الشكوك والشبهات من النفوس والأذهان  تجاه الإسلام، لأن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم  تطبيق عملي لكل حكم من أحكام الشريعة، وخرجت لنا هذه الحياة الطيبة الطاهرة في شكل بديع، شمل كل المتغيرات والظروف التي من الممكن أن يواجهها الفرد أو الجماعة، أو الأمة ككل: “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا” [الأحزاب:21].

فما أحرانا أن نتحلى بالأسوة المحمدية،ونطبق على حياتنا ما جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعليم وخلق، ومثل إنسانية نبيلة، وقيم كريمة، وننشر خلقه العظيم، وسيرته العطرة، وأسوته المثالية بين الناس بأسلوب علمي معاصر، وبلغات مختلفة، وما أجدرنا أن نتمسك بالقرآن الكريم والسنة والسيرة النبوية، وندرسهما ونفهمهما ونعيهما لنكون جديرين بحمل رسالة الإسلام، لأن القرآن وسيرة محمد صلى الله عليه وسلم -كما كتب الشيخ أبو الحسن الندوي- “قوتان عظيمتان تستطيعان أن تجعلا في العالم الإسلامي نار الحماسة والإيمان، وتحدثا في كل وقت ثورة عظيمة على العصر الجاهلي، وتجعلا من أمة مستسلمة منخذلة ناعسة، أمة ملتهبة حماسة وغيرة، وحنقًا على الجاهلية، وسخطًا على النظم الجائرة”،فهما مصدر نجاح الأمة الإسلامية في الدارين، ومخرجها من الأزمات والمشاكل التي تواجهها. إن شهر ربيع الأول من كل عام تذكرنا  لنجدد العهد للتمسُّك بتعاليم النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، وتطبيقها على الحياة وتنقية الحياة من كل شائبة ونقص لا يتطابق مع سيرة هذا النبي العظيم، والذي وصفه القرآن بالأسوة الحسنة، فهل من مجيب؟!!.

×