نظرة على أعلام القرن العشرين في الهند وإنتاجاتهم الأدبية باللغة العربية (2)

وفاة الشيخ أمين سراج رحمه الله تعالى (1)
4 مارس, 2021
ليلة مذبحة: عرض وتحليل (2)
4 مارس, 2021

نظرة على أعلام القرن العشرين في الهند وإنتاجاتهم الأدبية باللغة العربية (2)

ومن أبز علماء الهند العلامة السيد عبد الحي الحسني صاحب “نزهة الخواطر” المسمى الآن بـ”الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام” وصاحب “الثقافة الإسلامية في الهند”، العلامة شبلي النعماني صاحب رسالة “الجزية” الذي انتقد بها على تاريخ الأدب العربي لجرجي زيدان، والعلامة عبد العزيز الميمني أستاذ اللغة العربية بجامعة علي وله رسائل مهمة في تاريخ الأدب وإنتاجات قيمة علمية كـ”سمط اللآلي” شرح أمالي على القالي و”النتف” وغيرهما،والشيخ حميد الدين الفراهي صاحب التصانيف الكثيرة في فن التفسير والتاريخ والأدب والشيخ إعزاز على شيخ الأدب لدار العلوم ديوبند سابقاً، وله شرح نفيس لديوان الحماسة والمتبنى،وفيض الحسن السهارنفوري ومولوي نذير أحمد الدهلوي وخليل بن محمد اليماني ومحمد بن يوسف السورتي والشيخ زاهد علي شارح ديوان ابن هاني الأندلسي، هؤلاء كلهم من أدباء الهند المشهورين ولهم إنتاجات أدبية قيمة ومؤلفات نادرة.

ظلت الهند طيلة السنين لا صحافة فيها ولا تعليم للغة العربية بالمعنى الصحيح كانت المدارس قائمة ولكنها لم تكن تعني باللغة العربية في آدابها وفنونها، بقيت اللغة العربية في هذه البلاد محدودة ضيقة النطاق غير مرعية من نواحي الأدب والفن، ولم تنل من علماءنا ولا من مدارسنا حظاً من العناية فكادت تموت في هذه البلاد أو يضيع حسنها وجمالها الأدبي أو تبقى أجنبية لا صلة لها بالمسلمين – مع أن مصدري الإسلام القرآن والحديث هما بالعربية – ويتحدث عن هذه المأساة العلامة السيد سليمان الندوي في العدد الأول لمجلة “الضياء” “وهذه بلادنا الهند فيها نحو ثمانين مليوناً من المسلمين وفيها نحو مليون من يفهم لغة القرآن ويعرفها وإن لم تكن لهم قدرة على التكلم بها، وتقدير مدارسهم العربية بألف من صغارها وكبارها وطلبة العربية فيها نحو مائة ألف أو يزيدون، وعلى ذلك ما يؤلمنا ذكره ويشوكنا بنشره أن هؤلاء الجم الغفير والعدد الوافر أكثرهم بكمٌ عن التكلم باللغة العربية ولهم عمي‘ عن الكتابة البديعة السلسلة المنسجمة وفضلاً عن الخطابة فيها مرتجلين وتوجد كتابتهم في أمور طفيفة من الفقه أو أبحاث سمجة في المنطق تمجها الآذان ولا تسمن ولا تغني من جوع العلم”.

حتى قامت ندوة العلماء في مثل هذه الظروف بالدعوة إلى تجديد صلة المسلمين باللغة العربية حيث يمكن لهم أن يتقنوها فهماً وخطابة واعتنت دار علومها بالأدب العربي الحديث والقديم، ونجحت ندوة العلماء في مهمتها نجاحاً،فقد أنجبت في مدة قليلة رجالاً هم خير مثل ونموذج للعالم الإسلامي خرجت كثيراً من الأدباء والكتاب البارعين في اللغة العربية الذين نبغوا في العلم والأدب وبرعوا في تربية النشء الإسلامي وتثقيفه وساهموا في ثقافة البلاد وآدابها وإنتاجها العلمي والأدبي وظهر فضلهم في حقل الدعوة والتأليف، فلا يمكن أن نغفل عن دور ندوة العلماء في تطوير اللغة العربية وترقيتها وخدماتها في الأدب العربي الأصيل وإسهاماتها في إعداد المقررات الدراسية للأدب العربي وتغيير المنهج الدراسي فلها فضل كبير في تربية النشء الجديد ولها دور رائد في إعداد الأدباء والباحثين والكتاب في مجال الأدب والعلم والدين، منهم العلامة السيد سليمان الندوي صاحب موسوعة “سيرة النبي” وكتاب “دروس الأدب” والأستاذ مسعود عالم الندوي منشيء مجلة “الضياء” التي نالت إعجاباً وتقديراً في الأوساط الإسلامية والأدبية في البلاد العربية ومن آثاره العلمية و”تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند” و”الإسلام والشيوعية”.

والعلامة أبو الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله، ومن أهم مؤلفاته العلمية، وإنتاجاته الأدبية على سبيل المثال: “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين”، “الطريق إلى المدينة”، “إذا هبت ريح الإيمان”، “رجال الفكر والدعوة في الإسلام”، “قصص النبيين”، “القراءة الراشدة”، “مختارات من أدب العرب” ألف الكتاب الأخير حينما رأى فراغاً في مجال الأدب الإسلامي ورأى جموداً وتقليداً سائدين في هذا المجال فقام باستعراض الأدب العربي والتنقيب عن كنوزه وتراثه من جديد من القرن الأول إلى الرابع عشر ومن العصر الإسلامي الأول إلى القرن الرابع عشر الهجري، فخرج منها بلآلي وجواهر نفيسة تمثل الأدب الرفيع الذي يمنح القاري التوسع والانطلاق في آفاق الفكر والتعبير والتحليق في أجواء الحقيقة والخيال يثير فيه التذوق بجمال اللغة العربية واعترف كبار أدباء العرب بفضل هذا الكتاب في فتح كوة جديدة على آفاق الأدب الإسلامي الواسعة وأنه قلب الموازين الأدبية وأدخلوه في مقررات المنهج الدراسية بالجامعات العربية.

ومن الأدباء المشهورين السيد محمد الحسني منشئ مجلة “البعث الإسلامي” له مؤلفات قيمة مثل “الإسلام الممتحن”، “مع الحقيقة”، “أضواء على الطريق”، “المنهج الإسلامي السليم”، “همسات إلى جزيرة العرب”.

ومن أبناء ندوة العلماء وأدباءها البارزين الكاتب الإسلامي الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي صاحب “الأدب العربي بين عرض ونقد” و”منثورات من أدب العرب” و”الأدب الإسلامي وصلته بالحياة” و”أضواء على الأدب الإسلامي” و”معلم الإنشاء”.

والأستاذ محمد واضح رشيد الحسني الندوي رحمه الله الذي كان رئيس تحرير جريدة “الرائد” ورئيس التحرير المشارك لمجلة “البعث الإسلامي” العربيتين، قد كتب الأستاذ مقالات كثيرة على العناوين المتنوعة وترجم كثيراً من المقالات من إنجليزية وأردية وهندية إلى اللغة العربية نشرت في مجلة “ثقافة الهند” الصادرة من دهلي وله عدة مقالات في الأدب نشرت في مجلة “البعث الإسلامي” أمثال “إقبال وشوقي”، “شعر الطبيعة وطبيعة الشاعر”، “صورة اللحم والدم” و”إقبال والإنسانية” وله كتب أخرى أمثال “تاريخ الأدب العربي في العصر الجاهلي”، “أدب الصحوة الإسلامية”، “أعلام الأدب العربي في العصر الحديث”، “مصادر الأدب العربي” وغيرها من المؤلفات الممتازة في الأدب العربي باللغة العربية.

وفضيلة الدكتور الأستاذ الأديب الشيخ سعيد الأعظمي الندوي رئيس تحرير مجلة “البعث الإسلامي” وله مؤلفات أدبية قيمة منها “شعراء الرسول في ضوء الواقع والقريض” ومقالات تنشر في تلك المجلة كافتتاحية.

 

د/ محمد وسيم الصديقي الندوي

×